للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي تولد عند أفول شمس الصيف، وتموت عند شروقها، ومنها ما يصبر على بضعة أيام فتكون بمنزلة العجائز المعمرة. على أنها إذا كانت تعيش قليلاً بعد بلوغها الحالة الكاملة فهي تعيش اكثر من سنتين في حالة الدودة أو الدعموصة وهذا الدود طويل وله متنفسات أو خياشيم خارجية لا يفتر عملها. وبعضها يقيم في الأرض في نخاريب حفرت في جروف الأنهر، وهذه النخاريب مزدوجة يفصلها فاصل على هيئة لسان صغير دقيق، ألا أنها لا تكون كذلك في الداخل، بل يكون النخروب وحيد المأوى. وبعضها تتيه على وجهها عائرة، ولا تحفر لنفسها مسكناً ولا مأوى.

أما إسراف هذه الدويبات فلا تختلف عن دعاميصها ألا بنبت الأجنحة فإذا حان وقت التطور الأخير، تخرج الإسراف من الماء وتذهب لتقف على موطن يابس فلا تعتم أن تشق كفنها التي كانت مسجاة به، وما ذاك الكفن إلا جلدها.

تولد بنات اليوم، كما ألمعنا إليه، نحو الأصيل، فإذا خرجت من سرفها ترتفع فوق سطح المستنقعات والبطائح خشارم لا تعد والغالب فيها الذكور. ولهذا ترى للأنثى الواحدة عدة طلاب يقضون وقتهم، على شدة قصره، في المنازعة سعياً وراء عقد الوصال، وصال لا يدوم إلا هنيهة من الزمان يبتدئ بالمعارك وينتهي بالموت الوحي، وإذا نال الذكر بغيته من اتخاذ عروسه يأخذها إلى محل بعيد عن الجماعات وهناك يعرس بها وما يكاد يقضي وطره إلا ويفاجئه الموت الزؤام. - أما الأنثى فأنها من بعد اللقاح يأخذها نوع من الطلق

فتهوى على الماء وترفع مؤخر جسمها وهي مرقرقة فيخرج من نحو موصل الحلقة السادسة انظامان يتركان على الماء. وعدد بيض كل من هاتين الأنظومتين يتردد بين الثلاثمائة والأربعمائة فإذا صار على الماء هبط إلى أسفله وتفرق شذر مذر.

وإذا وقفت على ما ذكرناه اتضح لك أمر ازدحام هذه الدويبات في أيام الصيف الرائقة الصاحية في البلاد التي تكثر فيها الغدران والبطائح والمستنقعات والأنهر الهادئة الجري. وعلمت أن تلك الألوف المؤلفة إذا ماتت طفت

<<  <  ج: ص:  >  >>