للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جثتها على وجه الماء، ولا يمضي قليل من الزمن إلا وقد اضمحلت تلك الأشلاء البيضاء، لأن الأسماك وطير السماء قد ازدردتها بأسرع من البرق الخاطف، ولهذا سماها البعض (من السمك أو سلوى السمك) وإذا ماتت هذه الدويبات بعيدة عن المياه، ترى الأرضين المجاورة لها مغشاة عند الصباح بشيءٍ ابيض كالثلج أو كالقطن المندوف فيأخذ بك ذاك المنظر كل مأخذ.

(وابنة اليوم المشهورة) ترى على شطوط الفرات وطولها من ١٨ إلى ١٩ مليمتراً، وخيبطات ذنبها أطول من جسمها، ويرى دباها على طول جرف الفرات وقد ثقبه ثقوباً كثيرة تعد بألوف الألوف وقد رأيناها رأي العين.

أما حياة (ابنة اليوم) فإذ اعتبرناها في حد ذاتها فهي ليست دون حياة اعمر الحيوانات، لأن الخالق قد ضرب لها ساعات معدودة هي ١٢ أو ٢٤ لا غيرها. وهي في هذه المدة تنتقل إلى جميع الأحوال التي ينتقل إليها الحيوان المعمر بدون اختلاف عظيم سوى المدة. فسبحان الباقي الذي لا يموت.

أسماء هذه الدويبة

اسم هذه الدويبة في العراق هو الجليلو أو الكليلو حسب المتلفظين به. فإن كان الناطق به بدوياً أو مسلماً متحضراً فهو يلفظه بالجيم المثلثة الفارسية، وأن كان نصرانياً وينطق بلغة النصارى واليهود، فهو يلفظه بالكاف العربية الفصيحة. والكلمة مشتقة من الإكليل والعوام تحذف منها الهمزة فتقول كليل بإسكان الأول. ثم زادوا (الواو) في الأخر على طريقة الأتراك للدلالة على النسبة، وهم يفعلون ذلك اذا كان آخر الحرف لاماً، وإلا فانهم يزيدون اللام والواو. فيقولون مثلاً في (كوبري) (الجسر) كوبريلو (الجسري) وفي ديكن (شوك) ديكنلو (شوكي) الخ فمعنى كليلو أو جليلو (الإكليلي أو الإكليلية) أو أيضاً (ذو الإكليل أو

ذات الإكليل أو المكللة) لشبه أجنحتها بإكليل ابيض يعلو جسمها الدقيق.

وكنت قد تشططت الفرات في رحلتي إلى حلب سنة ١٨٨٦ فسألت عن اسمها بعض الأعراب الذين كانوا هناك فقيل لي (الخيتعور) ولا يبعد من أن يكون فصيحاً. لأن الخيتعور في دواوين اللغة:. . . كل ما لا يدوم

<<  <  ج: ص:  >  >>