للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغير ذلك من الآثار القديمة التي وقفتهم على تاريخ تلك الرابية، حينما كان يقطن فيها السكان الأولون، حتى عصرها الأخير، حين هجرها أهلها وأصبحت أثراً بعد عين.

أن البئر التي حفرها النقابون، أفصحت كل الإفصاح عن الطبقات المتعددة وتاريخ بنائها، وأسماء طائفة من الذين بذلوا جهد استطاعتهم في تشييد معالمها؛ وإليك البيان:

وجد النقابون تحت آجر دنجي، واور نجور، وذهب نرام سن، وآجر سرجون خمس عشرة آجرة، طويلة مخططة؛ أنبأتهم أن ملوكاً كثيرين عاشوا قبلي عصر سرجون؛ وقد عادوا بناء الهيكل عدة مرات.

وكشق الحفارون تحت تلك الآجرات، هيكلا مشيداً بالآجر الصغير الحجم، المسنم، يرتقي إلى زمن أقدم من بناء الهيكل الأول، وقد تخلل الهياكل أنقاض كثيرة، فان الفعلة - بعد أن نبشوا بضع أقدام - وجدوا أكثر من أربعين قدماً من الردم تحت معاولهم، ولما شرعوا في حفر الهيكل المسنم الحجارة ألفوا طبقة من التراب، وأخرى من الرماد، وبدا لهم أن الرماد

يدل على هيكل كان مبنياً من الخشب، فالتهمته النيران. وعثروا بعد ذلك على جدار مبني بالطين ولما توغلوا في الحفر، وجدوا قطعاً من حجر الكلس، تشبه حجر البناء؛ ويظهر إنها بقايا هيكل كان مشيداً بالحجارة. وشاهدوا بين الأحجار مسماراً كبيراً من النحاس الأحمر طوله ثمانية وأربعون سنتيمتراً، وطرفه الغليظ ينتهي بصورة أسد رابض ورأسه قائم، أي مستقر على يديه، وذيله ممتد على المسمار، إلى جهة طرفه الدقيق، وقد اخضر النحاس ومادته باليه ولا اثر للكتابة فيه. ويحتمل أن الكتابة محيت لطول عهدها. وقد سكب هذا الأسد أحد فناني شمر وكان آية في الإبداع والرونق.

ويذهب النقاب الأميركي بنكس، إلى هذا المسمار البديع يرتقي زمنه إلى ما بعد بناء الهيكل المسنم الآجر؛ وقد دفن اتفاقاً في الأنقاض حينما كان البناءون يرممون الهيكل، أو يعيدون بناءه؛ وذلك بأزمنة قديمة جداً. ولا يعرف على التحقيق الغرض من ذلك الأسد المصنوع بهذه الصورة الغريبة؛

<<  <  ج: ص:  >  >>