للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كاشي) وكان هذا الباب في أيان عصره يتألق بألوانه الزاهية.

وأما قطعة الأراضي الواقعة فوق بغداد؛ تلك القطة التي تقابل مملكة الآشوريين القديمة، فهي أسعد حظاً من سهل شنعار المنبسط، إذ أنها تحتوي على الحجر للبناء به، ولاسيما ذلك الحجر المعروف (بمرمر الموصل). وعليه كان البناءون الآشوريون يشيدون مساجدهم وقصورهم فوق مساطب عظيمة وجهها حجري، وكانوا يزينون جدران قصورهم الهائلة المتخذة من اللبن بألواح المرمر ويحفرون تلك الألواح حفراً واصفين فيها مآثرهم الملك في

الحرب والقنص.

الروابي ومعانيها

لما سقطت المدن القديمة وانقرض سكانها بالحرب، أم بسبب آخر، خربت قصورهم ومساجدهم ومنازلهم خراباً سريعاً، إذ كانت تلك الأبنية مسقفة بالخشب وجدرانها من لبن وربما هدمت قصداً. ونزع الآجر منها فحمل ليعمر به بلدان جديدة. وبالحقيقة، أصبحت بابل لأهل الحلة وبغداد (منجم آجر) بحيث يرى في حيطان كثير من بيوت هاتين المدينتين الرقيم المسماري من عهد نبو كدراسر، ويحصل الكلس من إحراق ألواح المرمر المحفورة، من زمان الآشوريين، وقد ربح قرويو منطقة الموصل بهذه الوسيلة ربحاً طائلاً.

وما بقي تم خرابه بالحر والبرد والمطر والريح وعواصف التراب الشديدة، وبليت أقسام الجدران العليا التي لم تزل قائمة؛ وملئ تراباً كل شق وذلك رويداً رويداً، كما حدث في الأبنية التي حفرت مؤخراً. ولم يبق الآن من الأبنية الشامخة شيء سوى رواب كبيرة واطئة وهي تنخفض ويتساوى أسفلها بمرور الزمان.

ولا يظهر أي اختلاف لمن ينظر إلى تلك الآكام من باب الاتفاق، سواء أكانت اثر مدينة أم بلد أم قرية، إذ لا يرى فرق إلاَّ في اتساعها، بيد أن الباحث الآثار القديمة التي يزورها، تتجلى له القصة بكل وضوح لما فوق وجه هذه الآكام من مواد مبعثرة، ولاسيما حوالي حاشيتها، وتظهر تلك الأشياء أما بعد أمطار الشتاء، وأما بعد تذرية الريح للتراب. وتدل قطع الأدوات المصنوعة من حجر الصوان أو مناجل الظران على عهد قديم، وكذلك كسر الجرار المدهونة والآجر المسطح المقبب. وتشهد شقف لوح الرقيم أو الخواتم الأسطوانية

<<  <  ج: ص:  >  >>