للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ولا جرم أن الفاضل أ. ظن في نفسه أنه في خان فمسح بكل عناية زجاجته وصحنه قبل أن يستعملهما، فهذا عمل يدل على انه يتحذر من نظافة البيت وهو الذي طلب أيضاً (لحم بقر) وسماه (مسلوقاً) و (لحم دجاج) وسماه (طيراً) و (خمر شنبانية، وخمر بردو) وسماهما (شنبانية وبدرو). يا لله! ما اشد ما كان تحسري على جارات هذا المدعو المنشرح الصدر! فقد كان كثير الحركات بيديه. ويتكلم بصوت عال، وكان يدفع بمرفقيه هذا وذاك، يميناً ويساراً، وكان يدعو الخادم فيقول له: (يا صبي) وهذه كلمة لا تستعمل إلا في مطعم.)

وكانت السيدة ق. قدمت إلى الدعوى قبل الوقت بنصف ساعة، فهذا قدوم قبل الأوان بكثير والسيدة ز. جاءت متأخرة عن الوقت بعشرين دقيقة فهذا إفراط في التعوق، إذ من الحسن أن يأتي الإنسان بعشر دقائق، بل بخمس دقائق، قبل الوقت المعين في رقعة الدعوة. - ولما نهضت السيدة ب. من المائدة كان قد بقي في زجاجتها شئ من الخمر، وبجانب صحنها شيء من الخبز: فطلب المرء مأكولا، أو مشروباً، فوق ما يحتاج إليه، يعد إسرافاً وتبذيراً؛ فلا يحسن أن تكون العينان أوسع من (المعدة!).

والآنسة ف. كانت منحرفة المزاح، وكان يحسن بها أن تقرع البيضة البرشت، قرعات

صغيرة بالملعقة الصغيرة، أو بشوكتها لا بالسكين. وكان عليها أيضاً أن تسحق القيض بدل أن تبقيه على حاله. وقبل أن تنهض من المائدة غلطت في أنها طوت مشوشها، والمشوش لا يطويه إلا صاحب البيت في بيته، أو في بيت الغير، إذا كان المدعو يعود إلى البيت مراراً كثيرة، الكرة بعد الكرة.)

وكان لطالب العلم هـ. مشتهى هيجه المشي. فكان يأكل بجشع عظيم؛ ويتكلم في حين كان فنه مملوءاً طعاماً، وكان يسمع صوتاً بشفتيه. وكان على ملبوس جارته آثار قله نباهته، وقلة نظافته. وظهر لي أيضاً انه كان يتخير بدقة احسن اللقم التي كانت في الصحن الذي كان يطاف به على المدعويين. وادخل

<<  <  ج: ص:  >  >>