للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إصبعه مراراً عديدة في المملحة ليقبض منها ملحاً. وكان يحسن به أن يأخذ الملح برأس شفرة سكينه، بعد أن يكون مسحه مسحاً نعماً، إذا لم يكن وقتئذ ملعقة صغيرة.)

وكان للآنسة اللطيفة ر. هيئة بدل على تغاض، فكانت تترجح، أو تعتمد على متكأ كرسيها، وتأكل بأطراف شفتيها، كأن هذا العمل يقرب كل القرب من المادة؛ بل رأيتها مرة أو مرتين، تظهر حركات تدل على احتقار، حينما كان يقرب إليها بعض الألوان. والآداب تمنع الناس من أن يقولوا، أو يظهروا ما يجول في خاطرهم، بخصوص طعام سيئ أو لا يوافق الذوق، وقد عجبت كل العجب من أني رأيتها (تجمع) مرق صحنها بقطعة خبز، ولو كانت امتنعت من هذا الفعل، لكان ذلك أعلى قدراً لها. وما كان يجدر بها أيضاً أن تقطع خبزها بالسكين، بل بانامالها، أو أن تجذبه قطعاً ببنانها، إما إذا كان الخبز بائتاً وكان الأكل في البيت، فيجوز قطعة بالسكين.

(وكان يجمل بصديقتكما الآنسة لورة. أن يبرد حساؤها قبل أن تأكله ولا تنفخ عليه، وكذلك ما كان يحسن بها أن تمد حلوى على خبزها، إذ لا يمد على هذا النحو إلا الزبد عند شرب الشاي.)

(وكان المزارع الفاضل م. س. حائراً في أمر العظام التي كانت تتراكم في صحنه، ولا احلف بأنه كثيراً ما أراد التخلص منها بان دسها مراراً عديدة تحت المائدة. كما كان يفعل في بيته. وقد اخذ من الصحن الطعام بشوكته الخاصة به. عوض أن يأخذ منه بواسطة شوكة الصحون. وقد اخذ حساء بالملعقة والشوكة، والشوكة هنا زائدة، ووضع على المائدة

بدل زنديه طلباً لراحته، وصب من فنجانه قهوة في الصحفة بحجة تبريدها؛ وهذه عادة شائنة. وفي الآخر، قبل أن يغادر المائدة ملا جيوبه (مصقولا) و (معجنات) ولا جرم انه يعطبها ابنته الصغيرة، فهذا عمل يدل على حسن قلبه، لكنه يدل أيضاً على سوء أدب في نهاية القبح.)

وقد أنست الآنسة ج. بكسر نوى الأثمار إظهاراً لحسن أسنانها. وهذا عيب، لأنه لا يجوز كسر نواة، كما لا يجوز اخذ الخبز بالأسنان، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>