للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهم يتزاورون فيما بينهم في مجالسهم، وقلما يزورون من ليس من أبناء قريتهم.

وعاداتهم عادات الشيعة في بغداد يقرؤون التعزية ويضربون صدورهم ووجوههم في العشر الأولى من المحرم، ويعظمون السيد تعظيما فائقاً، ويقتلون الزاني والزانية كما هي عادات بعض أعراب العراق. وهم يحقرون اليهودي والنصراني، وليس في بدرة إلا بيتان من اليهود، وغناؤهم على حسب رطناتهم الأعجمية. وليس عندهم إلا الطبل والمزمار والدفوف الصغار.

بعض الآثار في بدرة

على مقربة من بدرة آثار عافية يسمونها (العقر) وهي كقلاع ممتدة، ويقول أبناء بدرة أن هذه الآثار هي بدرة القديمة، أصابها مطر غزير فتهدمت بيوتها. ودثرت رسومها، وبدرة الحالية هي غير بدرة القديمة التي نراها اليوم آثاراً هامدة، وهذه الآثار تبعد عن القرية نصف ساعة، ويقيم فيها بعض الأعراب، وإذا أمطرت يبدو منها قطع من الخزف والزجاج

القديم وبعض (الخرز) والفخار، وقد وجد فيها بعض قطع الذهب. والأعراب يعتنون بما يجدونه من آثارها اعتناءً بالغاً، وكلما يقع في أيديهم تعلقه نساؤهم في رؤوسهم بعد ثقبه وتحسينه بالحك. ويسمون ذلك المعلق (اللولاح) أو (اللولح) أو (الدلاعة) وتجد في (اللولح) الأنواع المختلفة من الصخر والزجاج والعظام وغيرها.

وبقايا الآثار المبنية تعلو إلى نحو خمسة عشر متراً. وقد زارها بعض المستشرقين في السنين الأخيرة.

هذا أهم ما يذكر عن هذه الآثار، وهو الذي تواتر عن البدرين تواتراً صحيحاً. والله أعلم.

م. ر

(لغة العرب) كتبت هذه المقالة في سنة ١٩١١، فأبقيناها بحلتها المذكورة من غير أن نبدل منها شيئاً، فهي مزوجة الفائدة من جهة وصف المدينتين المذكورتين قبل عشرين سنة، ومن جهة إفهام بعض الكتاب أن بيدنا مقالات قديمة العهد منذ أن أسست هذه المجلة، فإذا تأخر نشرها فلا يحمل ذلك على سوء نية بل على تراكم المواد لا غير.

<<  <  ج: ص:  >  >>