للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن الحجر الأبيض الذي نحت منه كان أصلب وأشد من غيره، وقد جدع أنفه وصلحت أطراف أذنه، وكان رأسه أملس ورأسه أصلع، وهو يشبه تماثيل رؤوس الشمرين، غير أن نقر الحواجب ومحاجر العينين كانت فارغة.

كانت شظايا رؤوس التماثيل الأخرى مشوهة تشويها عظيماً، ومقطعة قطعا يصعب تلفيقها

وتركيبها بحيث لا ينطبق عليها وصف كاتب، وعندي أحسن وصف لها عرض رسومها على نظر المطالع لتثبت صورها في ذهنه. فمنها ما كان مكسورا كسرا عديدا يصعب تركيبها، ومنها ما كان يظهر طرفا من الوجه الأيمن، ومنها كان يبين الطرف الأعلى من الأذن اليسرى، ومنها كان يشاهد منه قحف رأس يمثل شعره خطوطاً متعرجة تشبه الموج، وكانت هذه أحسن وأكبر رؤوس التماثيل المحطمة التي عثر عليها المنقبون. أما سواها فلا تستحق الذكر لأنها كانت كسرا صغيرا من الحجر المحطم بالمطارق والفؤوس. وقد كان من بينها قطع من قدم محفورة حفراً بديعاً وهي واقفة على قاعدة عمود، وأيضاً شظية طرف من العضد اليمنى مع الكتف مصنوعة من الهيصمي وفيها كتابة تكاد أن تكون آثارها طامسة لطول عهدها.

أن معظم هذه الرؤوس كان متماثلا. بيد أن أحدها كان يختلف في شكله اختلافاً عظيماً، ويعد من أبدع واحسن الآثار التي وجدت في الأنقاض، وقد أكتشف هذا الأثر أحد رؤساء الفعلة بينما كان يزيل النفايات من غرفة صغيرة تبعد ثمانية أمتار عن الزاوية الغربية من برج الهيكل، وهنا عثر أيضاً على قطعة من أناء مثلم مصنوع من حجر أزرق وفيه بقايا أطراف كتابة لثلاثة اسطر.

كان رأس ذلك التمثال مصنوعاً من الهيصمي الأبيض الناصع، وكان طوله من جبهته إلى أطراف لحيته عشرة سنتيمترات، وعلى رأسه غطاء ووجهه نحيف ذو أسل أي مثلج، وأنفه طويل، وهيئته تدل على أنه سامي النجار، وهو لا يشبه بوجه من الوجوه الرؤوس الشمرية، وكانت مقلتاه من العاج، وقد ألصقتا في محجريها بالقار الصلب، ولما كشفتا للنور سقطتا، لأن القار تكسر كسراً عديدة وقد أعادهما النقاب الأمريكي (جمس بنكس) إلى موضعيهما وألصقهما بغراء الزجاج، بيد أن بؤبؤي العينين كانا مفقودين، وقد بالغ في البحث عنهما

<<  <  ج: ص:  >  >>