للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل أثمن ما في المعرض، رأس نحاسي بالحجم الطبيعي، أصيب في نينوى وهو يعود إلى ٣٠٠٠ سنة قبل المسيح، وملامحه الدقيقة تدل على أن سكان الشمال كانوا يصورون

في المعادن تصوير سكان الجنوب في الكلس والطين.

وهناك في زاوية من المعرض اجانة من (تل بلة) في الشمال، وجدتها بعثة جامعة شيكاغو، التي على رأسها الدكتور سبايزر، ولعلها من الآنية التي كانت تقدم بها العطور إلى الآلهة والأصنام. ويحملها الأمراء وكبار الكهان تقرباً إليها.

ويبدو أن مدينة (تل عمر) كانت ذات مركز كبير في عالم الفنون، وخاصة في العهد اليوناني، فقد عرضت من آثاره تماثيل من حجر متقنة النحت بعضها كاملة، وبعضها ناقصة وكلها صنعت بتناسق لا نتصور أن التماثيل الحديثة تفوقها فيه إذ جسمت فيها أعضاء الجسم الإنساني، أحسن تجسيم، ولم ينبغ الفنان في (تل عمر) بصنع التماثيل وحدها، بل إن هذه الأواني الخزفية المزججة. وبعض المسارج التي عرضت معها مسارج آخر، من (كيش) تدل على إن يده كانت تستطيع تصوير الجمال في كل ما تمسه أن من الطين، أم من الحجر، أم من المعدن، والظاهر إن الأغنياء، والأمراء والكهان، كانوا يشجعون هؤلاء الفنانين، باستخدامهم في منازلهم لصنع الدعائم الجميلة، ونقشها بالأزاهير، وصور الحيوانات. ففي المعرض من هذه أنواع مختلفة، نقشت عليها تماثيل جميلة لبشر، وحيوانات. وهي تعود إلى العهد الفرثي. ومن بقايا آثار (تل عمر) تمثال صغير مقطوع الرأس صاحبه ولد جالس جلوساً طبيعياً، ولعله ابن أحد الأمراء، فكوفئ صانعه مكافأة عظيمة عليه. ومما يلاحظ إن هذه التماثيل الآتية من (تل عمر) مصنوعة كلها من نوع واحد من الأحجار الشمعية اللون وربما جيء بهذه الأحجار من محل بعيد لصنع التماثيل والأصنام في (تل عمر).

وهنالك تمثال أسد أصيب في (تلو) وهو يكاد يكون بالحجم الطبيعي. وقد يكون هذا التمثال، مما اتخذ زينة لقصر الأمير، ليدل به على قوته وجبروته، تشبهاً بأمراء الشمال، الذين كان من عادتهم الذهاب لصيد الأسود وجرها وراءهم في المدينة، افتخاراً ولكن أمير (تلو) اكتفى من الأسد بتمثاله، فزين به باب قصره، أما أور فقد تركت لهذا المعرض عدداً كبيراً من التماثيل الصغيرة والكبيرة،

<<  <  ج: ص:  >  >>