للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل الشروع في إلقاء كلمتي الوجيزة، بصدد الحفلة التذكارية التي نقيمها اليوم، تخليداً لذكرى مرور قرنين كاملين على وطء أقدام المرسلين الكرمليين عاصمة الرشيد، أرى من واجبي أن ارفع آيات الشكر الجزيل إلى رؤساء المبعث الكرملي في بغداد، على ما أولوني من الشرف الرفيع، بدعوتي إلى إلقاء كلمة في هذه الحفلة الخطيرة وتهيئة هذه الفرصة الثمينة لي لاقف خطيباً بين حضراتكم، وأعبر عما يكنه فؤادي، من عواطف الود، والإقرار بالجميل، نحو هذه الرسالة، بالأخص مؤسستها العلمية التي تلقيت فيها تعاليمي، وهي تعد بحق من أسمى الأعمال شادتها أيدي المرسلين الأفاضل، وأجلها قدراً، وبما أنى لا أعلم الشيء الكثير عن مختلف الأدوار التي مرت على مؤسسات الكرمل في العراق، منذ أول عهدها إلى هذا اليوم، أرى ممن الأفضل أن أترك بيانها لمن هو أكثر مني وقوفاً على تاريخها وأعلم مني بالحوادث التي طرأت عليها مدة القرنين الغابرين، ولذا أكتفي بسرد بعض الذكريات الشخصية، عن الأدوار التي اجتازتها مدرستنا في غضون المدة التي قضيتها ضمن هذه الجدران، والجهود التي كان الأباء يبذلونها ولا يزالون يبذلونها، في سبيل نشر لواء العلم والفضيلة في بلادنا العزيزة، راجياً من حضراتكم الصفح عما يبدر مني من زلل في التعبير، نظراً لحداثة عهدي في الخطابة.

من الحقائق التي لا مراء فيها، أن الشعب المسيحي في بغداد مدين أعظم دين للرسالة الكرملية التي قامت بإعمال جليلة الشأن في مضمار التعليم الديني والدنيوي وفي إدارة المشاريع الخيرية، والتخفيف من ويلات البشرية المعذبة، وذلك منذ أول نشأتها إلى هذا اليوم، وبين تلك الأعمال ما يعلمه الخاص والعام ويقدره حق قدره، ومنها ما لا يعلمه سوى الرسالة نفسها ومن أسديت إليهم تلك الأعمال وشملتهم المساعدات المتنوعة، التي لم يضن بها الأباء الأفاضل يوماً من الأيام. ومع أم الطائفة اللاتينية في بغداد لا تتمتع بالتمثيل النيابي في مجلس الرسالة لكونه مجلساً رهبانياً محضاً. فهناك من الدواعي الكبرى ما يحملنا على الاعتقاد أن ما تقوم به هذه الرسالة سراً إلا يقل شأناً عما تقوم به علانية. وأراني في غنى عن أيراد الأدلة على صدق ما أقول. لان مجرد التفكير فيما تستهدفه الرسالة من الغايات الشريفة في أعمال البر والإصلاح يغنيني عن التفتيش عن أدلة ملموسة لدعم صدق مدعاي.

<<  <  ج: ص:  >  >>