للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مذهباً، ونحن ندون هنا

ما سمعناه حرصاً عليه وخوفاً من أن ينسى:

قال دليلنا الأعرابي أن هذه الشواخص كانت قبل نصف قرن بناءً قائماً يناطح السحب بذهابه صعداً في الهواء، ولم يهدم بل ينسف إلا في هذه السنوات الأخيرة، وذلك أن الفتن اشتدت بين الأعراب وأخذت نارها تشب لأدنى سبب، فأراد بعضهم أن يقوى على أعدائه وخصومه فابتنى قلاعاً اتخذ حجارتها من هذه الأبنية الفخمة الضخمة، وكان على بعضها كتابات ورسوم، ونقوش، ورقم ترشد الباحثين عن دابر مجدها، وسابق عزّها، إلا أن الذي كان يجب عليهم أن يبقوها على حالها، ويعنوا بحفظها لم يعملوا شيئاً في هذا الأمر وذهبت تلك المصانع والمعاهد فريسة الجهل والإهمال.

وسمعنا أحد الأدباء من سكان النجف يقول: إن عهد هذه الأبنية يرتقي إلى شرقون (شرجون) الأول الذي كانت تطوي أيامه في نحو سنة ٣٨٠٠ قبل الميلاد وهو لا يورد لقوله هذا دليلاً تاريخياً، وقال آخر أن الذي عمر هذه الديار هو أحد ملوك دولة حمُّوربيّ وهذا القول أيضاً لا يقوم على سند يعول عليه، وكلا القولين من باب الرجم والحدس، وذكرت جماعة أن باني هذه القصور هو أحد ملوك المناذرة، وقد اختلف في اسمه فمن قائل أنه النعمان الأعور السائح المتنصر الذي عاش قبل أبي قابوس بمائتي سنة، وهم في قولهم هذا يستندون على مواد البناء فأنهم يرون أن مواد بناء الخورنق والسدير تشبه مواد أبنية طعيريزات فإذا ثبت ذلك كان الباني الحقيقي هو النعمان الأعور لأن التاريخ يؤيد هذا الزعم بل هو أشهر من أن يذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>