للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كيلو مترين عرضاً. ومما يشاهد هناك أيضاً إطلال قصور ذات بال ممتدة على الضفة اليمنى من دجلة.

ومنذ بضع سنوات أخذت سامراء بان تستوقف أطيار الأفكار على جنباتها. ولا سيما أفكار أهل العلم والبحث من مسافرين ومؤرخين ومنقبين. وكان في مقدمتهم الأستاذ الدكتور هرتسفلد. فانه هو ومن جاء بعده زاروا هذه الآثار الطامسة، والأطلال الدارسة، والمبثوثة بث الجراد على أديم الأرض، ووصفوها قليلاً أو كثيراً. كل بموجب علمه ونظره.

على أن الأنقاض ليست بشيء يذكر بجانب ما تحت تلك التلول المتراكمة من بقايا الأبنية وهي تغشى وجه المدينة القديمة كلها. حتى انك تخال إنها أمواج بحر هائج صادقته عوامل الجمود فجأة فوقفت ماثلة لا حراك لها ولا هبوط على نفسها.

كيف لا ويرى في سامراء آثار جليلة وقد كانت في سابق الزمن مقاماً للعباسيين خلفاء هارون الرشيد. وبقيت نصف قرن عرشا لهم وذلك من سنة ٢٢١ - ٢٦٢هـ (٨٣٦ - ٨٧٦ م) بل ومرجع دولة الخلافة العظمى، وان شئت فقل بدون غلو ومبالغته (سرة العالم المتمدن) في ذلك الأوان، ولذا تراكمت فيها كنوز لا يفي تعدادها اللسان، وثروة تخالها من نتاج عالم الخيال. لا من نتاج عالم المثال. وبعبارة أخرى: كانت سامراء تحقيق حكايات

ألف ليلة وليلة.

التي تخال أنها من أوضاع الوهم والتصور الفارغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>