للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتفقد الآثار الجامعين لها جماعة منهم الشيخ الفاضل الرفيع القدر الغريب الصبر والثبات (الشيخ علي) من آل كاشف الغطاء وهو الرجل الذي لا يرى إلاَّ مجدّاً في النسخ والتأليف أو عاكفاً على المطالعة أو لهجاً بجمع الكتب وذكرها يقص عليك أحاديثها ويصف لك مظانَّ وجودها ويترجم لك أحوال صرعاها وجماعتها وقد كانت نفسه الكبيرة حملته على الرحلة فجاب بلاد الفرس وبلاد الترك وبلاد مصر وسوريا والحجاز ولم تكن رحلته هذه رحلة تسلية وتفكهة لا بل كانت أشبه برحلات منتجعي العلم والرواية من السلف الصالح فأنه كان إذا حط رحلهُ في بلد وجه همه إلى زيارة معاهده العلمية والوقوف على دور كتبه المهمة هكذا كان في مصر والشام والأستانة وقد ألقن في هذه العاصمة اللغة التركية فشافه كبار ساستها وعلمائها ولم يبق فيها بيتاً من بيوت الكتب إلا زاره واستفاد منهُ وكان إذا أعجبه كتاب لم يكبر عليه نسخه واكتتابه وإن كبر كما فعل يوم كان في الأستانة فانه أنتسخ فيها لنفسه بنفسه أسفاراً جمة منها كتاب (شرح أبي تمام على مهاجاة جرير والأخطل) وقد وجده منتسخاً بالخط المغربي القديم وهو خط معمي يجهل المشارقة تهجئته فعكف أياماً على تفهمه ومحاكاته بقلمه حتى أتقنه فلم يصعب عليه بعد ذلك أنتساخ الكتاب ونسخ أيضاً ديواني (مهيار) و (كشاجم) ولم يكونا يومئذ مطبوعين وبفضله طبع الأخير على نسخته التي أنتسخها لنفسه وهمته في الصبر على الكتابة مشهودة حتى أنه تناول كتاب (آمالي

القاليّ) قبل طبعه وعكف على نسخه في عدة أسابيع وكان الوباء منتشراً حيث أقام فلم يعقه ذلك عن مقصده

<<  <  ج: ص:  >  >>