للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عزيزها، ويقرب إليه بعيدها، فلا معنى لتعسير الأمر الشرعي في نفسه، لأن ذلك يخالف كلام الله تعالى: وكلام رسوله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-[٥].

واعلم أن من العقوق لوم الخلي للمشوق في هذا يقول أبي الطيب (١):

لا تعدل المشتاق في أشواقه ... حتى تكون حشاك في أحشائه

أما عرفت أن حب المعالي يرخص العالي ويقوي ضعف الصدور على الصبر للعوالي وربما بدلت الأرواح لما هو أنفس منها من الأرباح.

قال ابن الفارض (٢):

بذلت له روحي لراحة قربه ... وغير بعيد (٣) بذلب الغال للغالي.

وفي المقالات للزمخشري (٤): عزة النفس، وبعد الهمة الموت الأحمر، والخطوب المدلهمة، ولكن من عرف منهل الذل فعافه استعذب نقيع العز وزعافه، وقد أجاد وأبدع من قال في هذا المعنى:

صحب الله راكبين إلى العز ... طريقا من المخافة وعسرا

شربوا الموت في الكريهة حلوا ... خوف أن يشربوا من الضيم مرا

انتهى.

هذا وقت وقد عرفت أنا لم نطلب من المتصف التي ذكرت الاجتهاد، ولا كلفناه قطع المهامة الفيح، وصعود تلك العقبة الكؤود، وانحطاط هاتيك الوهاد، بل سهلنا له الطريق، وكفلنا له السلامة من كل تعويق، وقلنا له: سل أئمة القرآن والسنة إذا أصبت


(١) المتنبي: انظر ديوانه (ص ٣٤٣).
(٢) انظر ديوانه (ص ١٧٤ - ١٧٦).
(٣) في الديوان (عجب)
- وفي شعر ابن الفارض مؤاخذات عقدية نبه عليها العلماء الثقات، وقد تقدم ذكر ذلك في القسم الأول- العقيدة- بذلي الغال للغالي
(٤) في «أطواق الذهب» (ص٢٢)