للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والظاهر أن أصحابه كانوا متوضئين، ولهذا أنكروا عليه، وكان الماء موجودًا، ولو كان معدومًا لم ينكروا عليه، ولا كانت له حاجة تدعوه إلى الاستدلال بالآية، بل كان سيتعذر بعدم وجود الماء، وهكذا وقع من غيره من الصحابة كما رواه أحمد (١) وغيره عن بن عباس أنه صلى بجماعة من الصحابة وهو متيمم من جنابة، وفيهم عمار بن ياسر، وأخبرهم بن عباس بذلك، ولم ينكر عليه أحد منهم. فعرفت بمجموع ما ذكرناه المنع من كون من به سلس البول ونحوه ناقص طهارة. ثم على [٨أ] التسليم فلا دليل يدل على المنع، بل الدليل قائم على الجواز، ومفيد للصحة كما أوضحناه (٢).

قال السائل- كثر الله فوائده-: «وفرع هذه المسألة، وهو أن السائل يصلي مع الجماعة بالحدث لإذن أهل العلم له بذلك كما تقدم، ولخوف أن تكون صلاة الجماعة شرطًا كما هو مذهب أهل الظاهر ومن وافقهم، ثم إنه يقضي الصلاة في بيته لأجل إمكان الصلاة على طهارة، وتناول في ذلك حديث (٣) الرجلين اللذين صليا بالتيمم، فلما وجدا الماء أعاد أحدهما، ولم يعد الآخر، فذكرا ذلك للنبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فقال للذي لم يعد: «أصبت السنة»، وقال للآخر: «لك الأجر مرتين» وهذا الرجل قد اتخذ القضاء ديدنًا، فهل هو مصيب في ذلك أم لا؟ انتهى.


(١) (٣/ ١٧٣ رقم ١١٠٧) وعزاه صاحب «المنتقى» الأثرم.
(٢) وقال الشوكاني في «السيل الجرار» (١/ ٥٣٤):» وأما ناقص الطهارة فلا دليل يدل على المنع أصلًا، فيصح أن يؤم المتيمم متوضًأ ومن ترك غسل بعض أعضاء وضوئه لعذر بغيره ونحوهما، ولا يحتاج إلى الاستدلال بحديث عمرو بن العاص في صلاته بأصحابه بالتيمم وهو جنب، فإن الدليل على المانع كما عرفت والأصل الصحة.
(٣) أخرجه أبو داود رقم (٢٣٨) والنسائي (١/ ٢١٣ رقم ٤٣٣) من حديث أبي سعيد الخدري وهو حديث حسن.