للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وكذلك استدلوا به في جواز صدور السهو منه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-] (١)، واستدل به أهل أصول الدين على جواز صدور السهو منه (٢) - صلي الله عليه وآله وسلم- واستدل به علماء المعاني والبيان في الكلام على سلب العموم، وعموم السلب (٣) حيث


(١) في المخطوط ما بين الخاصرتين مكرر.
(٢) قال القاضي عياض: اتفق جميع أهل الملل والشرائع على وجوب عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عن تعمد الكذب فيما دلت المعجزة القاطعة على صدقهم فيه وذلك مما طريقه التبليغ عن الله سبحانه وتعالى من دعوى الرسالة وما ينزل عليهم من الكتب الإلهية إذ لو جاز خلاف ذلك لأدى إلى إبطال دلالة المعجزة وهو محال.
الراجح الذي ذهب إليه جمهور العلماء جواز السهو والنسيان على الأنبياء صلوات الله عليهم في الأفعال كما دلت عليه هذه الأحاديث.
(٣) في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الرواية التي رواها مالك في الموطأ ومسلم في صحيحة: «كل ذلك لم يكن» وجواب ذو اليدين له بقوله: «قد كان بعض ذلك». دليل لقاعدة اتفق عليها أهل المعاني والبيان.
أن النفي إذا تسلط على «كل» أو كانت في حيزه تكون «كل» حينئذ لنفي الشمول عن المجموع لا لنفي الحكم عن كل فرد فرد.
وإن أخرجت «كل» من حيز النفي بأن قدمت عليه لفظًا ولم تكن معموله لنفعل المنفي توجه النفي إلى أصل الفعل وعم كلما أضيفت إليه «كل» فكأن السلب عن كل فرد فرد.
والاحتجاج لهذه القاعدة بهذا الحديث من وجهين:
أحدهما: أن الشؤال بـ «أم» عن أحد الأمرين لطلب التعيين بعد ثبوت أحدهما عند المتكلم على وجه الإبهام، فجوابه إما بالتعيين أو بنفي كل واحد منهما فلما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كل ذلك لم يكن» كان جوابه لنفي كل واحد منها بالنسبة إلى ظنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلو كان تقديم «كل» على المنفي إنما يفيد نفي الكلية لا نفي الحكم عن كل فرد لكان قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كل ذلك لم يكن» سلب الحكم عن كل فرد فرد لا عن المجموع، لأن الإيجاب الجزئي يقتضيه السلب الكلي.
وقال الجرجاني: «والعلة في ذلك أنك إذا بدأت بـ «كل» كنت قد بنيت النفي عليه وسلطت الكلية على النفي وأعلمتها فيه، وإعمال معنى الكلية في النفي يقتضي أن لا يشذ شيء عن النفي».