للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استفادة ذلك من طول الملازمة، وتكرير الفعل، وإلى هنا. انتهى ما نريده من المقدمة، فلنشرع الآن في المقاصد فنقول:

[المقصد الأول]

إذا قال قائل: إن الخطبة شرط لصلاة الجمعة، أو شطر لها، فمنع ذلك مانع، فالدليل على مدعي الشرطية أو الشطرية. ويكفي المانع وقوفه في موقف المنع، فيقول مثلا: لا أسلم أن الخطبة شرط لصلاة الجمعة، ولا أسلم أنها شطر لها. ولا يفيد المدعي إلا دليل يدل على أن الخطبة شرط. وقد عرفت أنه لا يدل على الشرطية إلا تلك الأدلة الخاصة، لا مجرد أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: كان يخطب، أو أنه أمرنا بالخطبة، أو نحو ذلك. ولا يمكنه ههنا دعوى كون الخطبة ركنا لصلاة الجمعة، لأن صلاة الجمعة صلاة تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم. فما لم يكن بين تحريمها وتحليلها فليس منها فضلا عن أن يكون شرطا لها ولا ريب أن الشرط كما يكون داخلا ومصاحبا يكون خارجا، ولكن أين الدليل الذي يدل على الشرطية التي هي المدعاة.

[المقصد الثاني]

أن بعض الأعلام وهو الذي قدمنا الإشارة إليه في أول هذا البحث جعل عنوان بحثه: الكلام على تضعيف رواية: " من أدرك من الجمعة ركعة فليضف إليها أخرى " (١)، وغير خاف عليك أن المقام مقام الاستدلال من مدعي الشرطية أو الشطرية، لا مقام إيراد دليل من هو قائم مقام المنع، فإنه ليس بمستدل في هذا المقام، ولا يتوجه عليه الخطاب بإبراز الدليل، ولا يصلح للمدعي أ، يغضب عليه منصب المنع، فيجعله مستدلا، ويجعل نفسه مانعا، فإن هذا مخالف لأدب البحث، ومباين لقواعد المناظرة.


(١) انظر الرسالة رقم (٨٧).