للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في العلم أن يفتح الله عليه بما لا بد منه، وشغل نفسه بالتعصب للعلماء، تصدي للتصويب والتخطئة في شيء لم يعلمه، ولا فهمه حق فهمه لم يقل خيرا ولا صمت، فلم يتأدب بالأدب الذي أرشد إليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وإذا قد تقرر لك بمجموع ما ذكرناه وجوب الرد إلى كتاب الله، وسنة رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بنص الكتاب العزيز وإجماع المسلمين أجمعين عرفت أن من زعم من الناس أنه يمكن معرفة المخطئ والمصيب من العلماء من غير هذه [الطريق] (١) عند [٢أ] اختلافهم في مسألة من المسائل فهو مخالف لنص كتاب الله، ومخالف لإجماع المسلمين أجمعين. فانظر - أرشدك الله - أي جناية جني على نفسه بهذا الزعم الباطل! وأي مصيبة وقع فيها بهذا الخطأ الفاحش! وأي بلية جلبها عليه القصور! أي محنة شديدة ساقها إليه التكلم فيما ليس من شأنه!.

وها نحن نوضح لك مثال ما ذكرناه من الاختلاف بين أهل العلم، ومن كيفية الرد إلى كتاب الله، وسنة رسوله، ليتبين المصيب من المخطئ، ومن بيده الحق، ومن بيده غيره، حتى تعرف ذلك حق معرفيه، ويتضح لك غاية الاتضاح، فإن الشيء إذا ضربت له الأمثلة، وصورت له الصور بلغ من الوضوح والجلاء إلى غاية لا تخفى على من له فهم صحيح، وعقل رجيح، فضلا عمن له في العلم نصيب، وفي العرفان حظ. ولنجعل هذه المسألة التي جعلناها مثالا لما ذكرناه، وإيضاحا لما أمليناه في المسألة التي لهج بالكلام فيها أهل عصرنا ومصرنا، خصوصا هذه الأيام لأسباب لا تخفى، وفي مسألة رفع القبور، والبناء عليها كما [٥] يفعله الناس من بناء المساجد والقباب وعلى القبور فتقول


(١) في [ب] الطريقة.