للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم ينكروه.

فاعلم أن هذا الاستدلال مدفوع؛ فإن هذه الأدلة التي سقناها على ما فيها نم التكاثر والتوفر ما زالت مروية في مجامع المسلمين، ومدارسهم، مجالس حفاظهم، ويرويها الآخر عن الأول، والصغير عن الكبير، والمتعلم عن العالم من لدن أيام الصحابة إلى هذه الغاية، وأوردها المحدثون في كتبهم المشهورة من الأمهات والمسندات والمصنفات. وأوردها المفسرون في تفاسيرهم (١)، وأهل الفقه في كتبهم الفقهية (٢) وأهل الأخبار والسير في كتب الأخبار والسير، فكيف يقال إن المسلمين لم ينكروا على من فعل ذلك! وهم يرون أدلة النهي عنه، وللعن لفاعله [والدعاء عليه] (٣) خلفا عن سلف في كل عصر، ومع هذا فلم يزل علماء الإسلام منكرين لذلك، مبالغين في النهي عنه.

وقد حكى ابن القيم (٤) عن شيخه شيخ الإسلام [٧أ] تقي الدين، وهو الإمام المحيط بمذاهب سلف هذه الأمة وخلفها أنه قد صرح عامة الطوائف بالنهي عن بناء المساجد على القبور. ثم قال ك وصرح أصحاب أحمد (٥) ومالك (٦) .............................


(١) انظر" روح المعاني" للآلوسي (١٥ - ٢٣٨).
(٢) " المجموع " للنووي (٥ - ٣١٧). " تحذير الساجد من اتخاذ السرج مساجد " للمحدث الألباني " مجموع الفتاوى " لابن تيمية (١٠) و (١١).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) انظر " إغاثة اللهفان " (١). " زاد المعاد " (٣).
(٥) قال ابن قدامة في " المغني " (٢ - ٣٨٨): ولا يجوز اتخاذ السرج على القبور لقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وذكر الحديث.
ثم قال: " ولو أبيح لم يلعن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من فعله، ولأن فيه تضييعا للمال في غير فائدة وإفراطا في تعظيم القبور، أشبه تعظيم الأصنام ولا يجوز اتخاذ المساجد على القبور لهذا الخبر لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ". تقد الحديث متفق عليه.
(٦) قال في " المدونة " (١): وقال مالك: أكره تجصيص القبور والبناء عليها، وهذه الحجارة التي يبني عليها ".
وقال القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (١٠): فاتخاذ المساجد على القبور والصلاة فيها والبناء عليها إلى غير ذلك مما تضمنته السنة من النهي عنه ممنوع لا يجوز ".
ثم (١٠): وقال علماؤنا: يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد ".