للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغرر إلا ما صححه الشارع، ويكون ذلك مخصصا للنهى العام الدال بحقيقته على التحريم، أو يحمل النهي على ما لا يقتضى البطلان لتصحيح الشارع لبعض أنواعه كما سيأتي.

على أن اعتبار غالب مسالك العلة العشرة (١) هاهنا ممكن، فإنه لو سلك المعتبرة مسلك السبر والتقسيم في بيع المصراة (٢)، وبيع السلع قبل ورودها إلى الأسواق، ونحوها لما كانت العلة إلا الغرر، وهكذا لو سلك مسلك تخريج المناط (٣)، وإذا كان هذا ظاهرا في بعض أنواع الغرر فقد أوضحنا وجود أصل الغرر في كل نوع من أنواع المبيعات التي ثبت فيها الخيار، إما بمسلك تنقيح المناط، أو بما هو دونه أو فوقه، وليس المعتبر إلا وجود ما يصدق عليه مسمى الغرر العام أما دعوى أنه حكمه مجرد فلعله مترتب على تقرير عدم الانضباط، نظرا إلى الاختلاف الواقع في تفسير الغرر مع أنه لا خلاف كما قدمنا.

قال - كثر الله فوائده -: فإن المشهور أن العلة والسبب في هذا الخيار. ثم قال: وصرح بأنه العلة والسبب النجري ... إلخ.

أقول: هذا لا يصلح للرد على من يبني بحثه على الاجتهاد، فإنه لا يلزمه العمل على المشهور إذا كان الراجح لديه غيره، ولا يتعرض عليه بقول عالم معين، ولا بمذهب الجمهور، وهذا لا يخفى على المعترض - عافاه الله -.

إذا عرفت هذا فاعلم أنا قد أوضحنا معنى الغرر وفقد الصفة التي يعتقدها المشتري يدخل في ذلك أوليا، فإنه قد كان لهذا المبيع عند فقد الصفة باطن مكروه وباطن مجهول لا يحيط بكنهه المشتري، وهذا هو الغرر اللغوي، فهل ورد في اللغة أو الشرع ما يوجب تخصيص هذا المعني أو تقييده بالشرط؟ حتى يلزم المجتهد المصير إليه؟


(١) تقدم ذكرها في الرسالة رقم (١١٠).
(٢) تقدم التعريف في الرسالة (١١٠).
(٣) تقدم التعريف في الرسالة (١١٠).