للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اجتهاد (١)، والقليلُ منها ثبتَ بمثل دليلٍ واحد من هذه الأدلة الاثنى عشر أو دونَه بمراحل في الصحة، فعلى من كان مجتهدًا أو متمكنًا من الترجيح والموازنة بين الأدلة أن يُمْعِنَ النَّظر فيما حرَّرناه، ويتقيَّدُ به إن رآه راجحًا [٦ب]، وما أظنه بعد إمعان النظر يعدلُ عنه إلى غيره، فإن ما أورده القائلون بمجرد الكراهة من دون تحريم لا ينتهض شيء منه لمعارضة دليل من هذه الأدلة، فضلاً عن أن يكون مساويًا، فضلاً عن أن يكون راجحًا. وقد بسطتُ ما قالوه في شرحي للمنتقى (٢) في كلام طويل، وكل ذلك مجردُ تأويلٍ (٣) لم يلجئ إليه ملجئ، ولا دعت إليه ضرورةٌ، ولا سوَّغته حاجةٌ كقولهم: إن الموهوبَ للنعمان كان جميعَ مالِ بشير، وهذا تأويل فاسدٌ يرُدُّه التصريحُ في الحديث بأنه غلامٌ، وفي لفظ آخر: تصدَّقَ عليَّ أبي ببعض ماله، كما في صحيح .......................................


(١) انظر الرسالة رقم (٦١).
(٢) ك وهو نيل الأوطار (٤/ ١٩).
(٣) قال القرطبي في "المفهم" (٤/ ٥٨٨): ومن أبعد تأويلات ذلك الحديث قول من قال: إنَّ النهي فيه إنّما يتناول من وهب ماله كّله لبعض ولده، وكأنّه لم يسمع في الحديث نفسه: إنّ الموهوب كان غلامًا فقط، وإنّما وهبه له لما سألته أمُّه بعض الموهبة من ماله. وهذا يعلم منه على القطع: أنّه كان له مالٌ غيره.