للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا القياس الصحيح السالم عن المطاعن والاعتراض، الجامع للأركان دليلا كافيا، ثم إجماع الأمة سلفها وخلفها في كل عصر بعد إجماع الصحابة ففيه ما قد أسلفنا من عدم بيان علة القياس، وما مسلكها، ومن عدم صحة نقل الإجماع فليراجع.

قال شيخنا - دامت إفادته -: ووقوع ذلك من الخلفاء الراشدين الذين هم من أهل الشرع، ومن أهل اللغة فإن كان المبحث لغويا فهم من أهل اللغة، وإن كان شرعيا فهم من أهل الشرع، فعلى كل حال هم أعرف بمقاصد القرآن، ومعاني الشريعة وقد قال فيهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فيما أخرجه أهل السنن (١) وغيرهم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين الهادين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ، فإن هذا [التوجيه] (٢) النبوي مشعر بصلاحية ما وقع في الخلفاء الراشدين للحجية على فرض عدم وجود ما يدل عليه في الشريعة، لا إذا وقع مخالفا لما هو ثابت فيها، ثم قد ثبت عند أحمد وأبي داود وغيرهما في قصة الملاعنة: أن من رماها أو رمى ولدها فعليه الحد (٣). ورمي الولد هاهنا مطلق لم يقيد بكون الرمي له هو أو الرمي لأمه، ثم قد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة قال: سمعت أبا القاسم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يقول: " من قذف مملوكه يقام عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال " (٤) فهذا فيه التصريح بثبوت حد السيد إذا قذف مملوكه، وإنما كان مؤخرا إلى يوم القيامة لأنه لا يثبت العبد ذلك في الدنيا فهو يدل أبلغ دلالة ويفيد أعظم فائدة أن قاذف الرجل الحر يثبت عليه الحد في الدنيا. انتهى [٦ ب].

أقول: أما الاحتجاج بوقوع ذلك من الخلفاء الراشدين ... إلخ.

فيقال عليه: من ذا المراد من الخلفاء الراشدين، هل جميعهم؟ فيمنع الوقوع فإن منهم من لم يقع منه حد من بعضهم فيقال: إن كان غير معين فممنوع الحجية، وما قيل


(١) تقدم تخريجه مرارا، وهو حديث صحيح.
(٢) كلمة يستلزمها السياق.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.