للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجودِها، وصرَّحوا أيضًا بأن الإخوةَ مطلقًا يحجبونَ الأمِّ، في الله العجبُ من هذه الاجتهادات التي أبطلتِ النصوصَ، وعطَّلتْ منها العمومَ والخصوصَ! والجلال قط اضطره الحال فصرَّح في بحث ميراث الإخوة لأمٍّ بأنهم يسقطونَ مع الأمِّ اتباعًا للإماميةِ، وعملًا بمجرد مناسبةِ ساقطة ذكرها هنالك لا يجوز العلمُ بها على فرض عدمِ الدليل، فكيفَ مع وجودِه ومع إجماع الأمة إلا من لا يعتد به! وإن كان المانعُ من توريثِ الأختِ لأبوينِ هاهنا هو قولُهُ أو لأن الأمَّ أقوى إلى آخر ما نقلناه عنه، فيقال: إن كانت أقوى منها مطلقًا فينبغي أن تكون أقدمَ من الأختِ في جميعِ الأحوالِ، وعلى كل تقدير لا في مسائلِ العولِ بخصوصِها.

فإن قيل: أنَّه لا يظهر أثرُ هذه الأولوية إلا في مسائِل المزاحمةِ عند العولِ، وأما في غيرها فكلُّ وارث يأخذ نصيبه المقدَّر وفرْضَهُ المسمَّى.

فيقال: وما الدليلُ على هذه الأولوية التي كانت سببًا لإبطال حكمٍ شرعيٍّ مصرِّحٍ به في القرآن الكريم، وهو ميراثُ الأختِ حتى صارَ ميراثها أو بعضَه بيدِ غيرِها؟ وكيف تصلُحُ مثلُ هذهِ الأولويةِ المدَّعاةِ لرفعِ الآياتِ القرآنيةِ والأحاديث الصحيحة [١٢ب]! وهل هذه إلا معارضةٌ لصريح الدليل بفساد الرأي وكاسد الاجتهادِ الذي لا دليلَ عليه بوجه من الوجوه!

وبالجملة فلو كانت مثلُ هذه الدَّعاوي الباردة نافقًا ومقدِّمًا على أدلةِ الكتاب والسنةِ لقال من شاء ما شاء، وادعى نسخَ القرآنِ الكريمِ والسنةَ الصحيحةَ كلُّ مبطلٍ ومبتدعٍ. فانظر ما وقع فيه المانعونَ للعول فكانوا كما قال:

فكنت كالساعي إلى مثعبٍ ... موايلًا من سُبل الراعد (١)

ومثّل- رحمه الله-: عول تسعةٍ (٢) بزوجٍ وأمٍّ وأختٍ وجد، وقال: إن الأختَ.


(١) تقدم ذكر معناه.
(٢) مثاله: ماتت امرأة وتركت زوجًا وأختين لأب وأختين لأم، فأصل هذه المسألة من ستة لأن فيها نصفًا وثلثًا، وتعول إلى تسعة.
للزوج: ثلاثة فينقص نصيبه بمقدار الفرق بين (٣/ ٦، ٣/ ٩).
وللأختين لأب: أربعة فينقص نصيبها بمقدار الفرق بين (٤/ ٦، ٤/ ٩).
وللأختين لأم: اثنان فينقص نصيبهما بمقدار الفرق بين (٢/ ٦، ٢/ ٩).