للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام، واستحق أعظم الآثام.

وأما المناقشة بأن ذلك العنوان هو السنة [٣]، أو أنه الذي كان عليه السلف الصالح، فإن ذلك لا يجدي نفعا، ولا يرد علي، فإني قد اعترفت به اعترافا صريحا في أول بحثي، والمناقشة بما يعترف به الإنسان هي من تحصيل الحاصل، وإيجاد الموجود، بل لو صح للمناقش القدح في جميع ما أوردته من الأدلة التي ذكرتها لم يأت ذلك بفائدة، فإنه لم يتم للمناقش بمجرد ذلك القدح أن مخالفة ذلك العنوان محرمة ومخرجة من الإسلام، وهو الذي نفيته وأنكرته على قائله، وهو يكفيني الوقوف في موقف المنع قائلا: أنا أمنع كون مخالفة ذلك العنوان موجبة للتحريم فضلاَ عن الكفر، فلا ينفع المناقش إلا إيراد الأدلة الصحيحة الموجبة لدفع ذلك المنع، إن كان ناقلا فعليه تصحيح النقل، وإن كان مدعيا فعليه الدليل كما تقرر في علم المناظرة والجدل.

وأما مجرد القدح في سند المنع فهو لا يوجب أن يكون الحق بيد ذلك القادح، وهذا معلوم عند المحققين، معروف عند جميع المحصلين لا يختلفون فيه، فكيف والقدح في تلك الأدلة التي أوردتها لم يصح شيء منه كما سيأتيك بيانه إن شاء الله. فهذا يزيد محل النزاع، وقد كررته لقصد الإيضاح وللفرار من الوهم الذي قد وقع للمطلع - عافاه الله -.

قوله: دال على أنها من البدعة القبيحة.

أقول: اعلم أن الأدلة الدالة على جواز إطلاق لفظ السيد وسيدي على فرد من أفراد البشر، كما وقع منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غير موضع، وكما وقع من جماعة السلف الصالح يرفع ما ذكره من كون ذلك بدعة، بل لقائل أن يقول: إنه لا يخرج عن كونه سنة، فإن القائل لمن له سيادة يا سيد بني فلان، أو يا سيدي قد اقتدى بمثل قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قوموا إلى سيدكم " (١)، وبمثل قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن ابني هذا سيد " (٢)، وبمثل قوله: " هذا سيد أهل


(١) تقدم تخريجه وهو حديث صحيح
(٢) تقدم تخريجه وهو حديث صحيح