للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموافقةِ في جميع الحروفِ ولو لم يُشْتَرطْ هذا الشرطُ التَبسَ بالقسم الأولِ إن توافقت الحروفُ والترتيب وبالقسم الثاني إن توافقت الحروفُ فقط.

وإذا أُطلق الاشتقاقُ تعيَّن الأصغرُ لأنه المتبادَرُ [١ب] عند أهلِ النحوِ والصَّرفِ والمعاني والبيانِ، وتعيَّن الآخرانِ عند أهلِ الاشتقاقِ لأنهما المتبادَران في اصطلاحهم.

وأما مجردُ الاتصالِ بين معنَيي اللفظين فهو كائنٌ في جميع الأقسامِ, أما القسمانِ الأولانِ فظاهرٌ, وأما القسمُ الثالثُ فإنك إذا أمعنَْ نظرَك في التراكيب اللغوية وجدْتَ بين كل كلمتين اتفَقَتا في الفاء والعين اتصالاً فإن تقارَبَ اللامان في المخرج كان التقارُبُ بين المعنيين بقدر ذلك, وإن تباعدا كان التباعُدُ بين المعنيين بقدر ذلك. وأما أصلُ الاتصال فلا بد منه, يظهر ذلك عند إمعانِ النظرِ.

وذلك الاتصالُ هو حيثيّةٌ جامعةٌ لهما وإن خفِيَتْ ولما كان هذا القِسمُ هو الذي يحتاج إلى فضْلِ فِكْرٍ وقوّةِ اطّلاعٍ. أوردنا في هذا المختصَر من الأمثلة ما يكفي طالبَ هذا العلمِ ويُطْلعه على ما اشتمل عليه من الفوائد التي هى أسرارُ العربية, وسنذكر بعد ذلك إن شاء الله فوائد تُخصُّ كلَّ قسمٍ وفوائدَ تعُمّ الأقسامَ وفوائدَ تزيد المُطَّلِعَ عليها بَصيرةً في هذا العلم. إذا عرفتَ هذا فاعلم أنّ الناظرَ في علم اللغةِ إن نظَرَ إليه لقصد الاطلاعِ علي معاني الألفاظِ الموضوعةِ المستعملةِ في لسان العربِ من غير نظرٍ إلى جهةٍ جامعة لجملة من الألفاظ فهو طالبُ الاشتقاق، والقسمانِ علم اللغةِ ولكن الأولَ تطلُبُه العامّةُ والثاني تطلُبه الخاصَّةُ وإنما كان الثاني مطلوبًا للخاصة لأنه يكون لصاحبه به مَلكَةٌ مقتدَرٌ بها علي استخراج ما لم يعرِفْه [٢أ] مما قد عَرَفه والعلومُ هي الملكاتُ الموصِلةُ إلى إدراك الجُزْئياتِ لا مجردُ معرفةِ الألفاظِ ومدلولاتِها من غير ملكةٍ كما يكون بالقسم الأول.

وهذا المطلبُ المختصُّ بالخاصة يحصُل بتكرير النظرِ وتدريبٍ الفكْرِ في المواد المتّفقةِ في الفاء والعينِ وها نحن نُوردها هاهنا من ذلك ما يحصّل ذلك المطلب النفيسَ الذي هو من علم اللغةِ بمنزلة الرئيس.