للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصَمَحْمَح وعَرَكْرَك وعصَبْصَب وغَشَمْشَم، والموضعُ في ذلك للعين، وإنما ضامَّتْها اللامُ هنا تبعًا لها ولاحقةً بها، ألا ترى إلى ما جاء عنهم للمبالغة من نحو اخلَوْلق واعشَوْشب واغدَوْدَنَ واحْمَوْمي واذْلَولي وكذلك في الاسم نحوُ عَثَوثل وغدَوْدَن وعَقَنْقَلٍ وهَجَنْجَل، وكلُّ واحدٍ من هذه المُثُل قد فُصِل بين عينيه بالزائد (١)، فعلمتَ أن تكريرَ العينِ في باب صَمَحْمَح إنما هو للعين وإن كانت اللامُ فيه أقوى من الزائد في باب افعَوعَل وفَعَوعَل وفَعَيعَل وفَعَنْعل لأنّ العينَ باللام أشبهُ من الزائد بها، ولهذا ضاعفوها أيضًا كما ضاعفوا العينَ للمبالغة نحو عُتُلٍّ وصُمُلٍّ وحُزُقٍّ ألاَّ ترى أنَّ العينَ [أقعدُ] (٢) في ذلك من اللام، فإنّ الفعلَ الذي هو موضوعٌ للمعاني لا يُضعَّف ولا يؤكد تكرير إلاَّ بالعين. هذا هو الباب. فأما اقعنسَسَ واسْحَنكَكَ فليس الغرضُ فيه [التوكيد و] (٣) التكريرَ لأنّ ذا إنما ضُعِّف للإلحاق، فهذا طريقٌ صناعيةٌ وبابُ تكريرِ العينِ هو طريقٌ معنْويّةٌ، ألا ترى أنهم لمّا اعتزموا إفادةَ المعنى توفّروا عليه وتحامَوا [طريق] (٤) زيادة من الخصائص (٢/ ١٥٦). الصَّنعةَ والإلحاقَ فيه، فقالوا قطّع وكسّرَ تقطيعًا وتكسيرًا ولم يجيئوا بمصدره على مثال الفَعْلَلَة فيقولون قطعة ولا كَسَّرةً كما قالوا في الملحق: يبطَرَ بيْطرةً وحَوْقَل حَوْقلةً وجَهْوَرَ جَهْورةً.

ويدلُّك على أن افعَوعَلَ لما ضُعّفت عينه للمعني انصرف به عن طريق الإلحاق تغليبًا للمعنى على اللفظ وإعلامًا أنَّ قدْرَ المعنى عندهم أعلى وأشرفُ من قدْر اللفظِ أنهم قالوا في افعوعَل من رَدَدْتُ: ارْدَوَدَّ، ولم يقولوا اردَوْدَدَ فيظهَرَ التضعيفُ للإلحاق كما أظهروه في نحو اسحَنْكَكَ لما كان للإلحاق باحْرَنجمَ واخرنطم ولا تجد في بُنات الأربعةِ نحو احْرَوْجَمَ حتى يقال إن افعوعل من رَدْدتَ فيقال اردَوْدَدَ لأنه لا مثالَ له رباعيًا فيُلْحقَ هذا به، فهذا طريقُ المُثُل واحتياطاتُهم فيها بالصنعة ودَلالاتُهم منها على الإرادة والبُغْية.


(١) قال في (الخصائص) (٢/ ١٥٦): لا باللام.
(٢) في المخطوط (أبعد) وما أثبتناه من الخصائص (٢/ ١٥٦).
(٣) زيادة من الخصائص (٢/ ١٥٦).
(٤) زيادة من الخصائص (٢/ ١٥٦).