للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله الأكرمين، وصحبه الأعظمين.

وبعد:

وردت مسائل طلب السائل- كثر الله فوائده- الجواب:

أولها: قوله: ما يخبرون من أحوال الموتى، وما آل إليه أمرهم في البرزخ (١)، ويزعمون أهم يتكلمون ويخبرون. مما أسلفوه وراءهم من أعمال الدنيا مثل رد وديعة، أو يخلد من شيء في الذمة، أو شيء مما يتعلق بأحواله الماضية إلى أن قال: وهذا من غرائب المنفقات مع أنه قد قال تعالى في حال الموتى: {فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهليهم يرجعون} (٢)، {وما أدرى ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلى} (٣) فإن كان الأمر كما وصف فما الموصل إلى هذا الأمر وحقيقته؟ فهذا شيء ما جاء عن الرسول، ولا أحد من أهل العلم به يقول.

أقول وبالله التوفيق وعليه التوكل: الجواب على هذا السؤال من وجوه:

الوجه الأول: أنه قد ثبت عن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- تواترا أن الأموات يسألون في قبورهم (٤) عن ربهم، وعن نبيهم، وما قيل لهم، وما قالوا. وهذا يدل أبلغ


(١) انظر الرسالة رقم (١٨) من مجلدنا هدا.
(٢) [يس: ٥٠]
(٣) [الأحقاف: ٩]
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (١٣٣٨) وطرفه رقم (١٣٧٤) من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " العبد إذ وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد!؟ فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله: فيقال: انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة". .
وأخرج أحمد قي المسند (٤/ ٢٨٧، ٢٨٨، ٢٩٥، ٢٩٦، ٢٩٧). وأورده الهيثمي في المجمع (٣/ ٤٩ - ٥٠) وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
وأخرجه الطيالسي في المسند رقم (٧٥٣) والآجري في الشريعة (ص ٣٦٧ - ٣٧٠) والحاكم في المستدرك (١/ ٣٧ - ٤٠) وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبي. وأقرهما الألباني في الجنائز (ص ٢٠٢). وهو حديث صحيح.
من حديث البراء بن عازب قال: حرجنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكث به في الأرض، فرفع رأسه فقال " استعيذوا بالله من عذاب القبر" مرتين أو ثلاثة.
ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال إلى الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس .... إلى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فتعاد روحه، فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول ديني الإسلام. فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله ر!. فيقولان له: وما علمك؟ فيقول قرأت كتاب الله تعالى فآمنت به وصدقت. ". وهو حديث طويل.