للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

إياك نعبد، وإياك نستعين، ولك الحمد يا رب العالمين. والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه الأكرمين، وبعد:

فإنه وصل السؤال عن الكلام الذي وقعتم عليه للحافظ الذهبي (١) من أن علوم أهل الجنة تسلب عنهم في الجنة، ولا يبقى لهم شعور بشيء منها، فاقشعر جلدي عند الإطلاع على هذا الكلام من مثل هذا الحافظ الذي أفنى عمره في الكتاب والسنة والتراجم لعلماء هذا الشأن. وقد كنت قديما وقفت على شيء من هذا، لكن لفرد شاذ من أفراد الحكماء قاله لا عن دراية ولا رواية، فلم ألمه لجهله بالكتاب والسنة. فيا ليت شعري كيف يجري قلم أحقر عالم من علماء الشريعة. ممثل هذا! وعجبت ما أدخل هذا الحافظ (٢) في مثل هذه المداخل المقفرة المكفهرة التي يتلون الخريت (٣) في شعابها وهضابها، ويتحمل هذا الثقل الثقيل، والعبء الجليل! والحاصل أن الطوائف الإسلامية على


(١) هو محمد بن أحمد بن عثمان ابن قايماز بن عبد الله التركماني الأصل، الفارقي ثم الدمشقي، أبو عبد الله شمس الدين الذهبي الحافظ الكبير المؤرخ الكبير صاحب التصانيف السائرة في الأقطار ولد ثالث شهر ربيع الآخر سنة ٦٧٣ هـ.
قال ابن حجر: حتى كان كثر أهل عصره تصنيفا، وجمع تاريخ الإسلام فأربى فيه على من تقدمه بتحرير أخبار المحدثين خصوصا.
من مصنفاته: النبلاء، العبر، تلخيص التاريخ، طبقات الحفاظ، طبقات القراء. الميزان في نقد الرجال.
قال البدر النابلسي في مشيخته: كان علامة زمانه في الرجال وأحوالهم جيد الفهم ثاقب الذهن.
انظر: الدرر الكامنة (٣/ ٣٣٦ رقم ٨٩٤).
البدر الطالع (ص ٦٢٦ رقم ٤١١)
(٢) أي الذهبي رحمه الله تعالى.
(٣) الخريت: الماهر الذي يهتدي لأخرات المفاوز، وهي طرقها الخفية ومضايقها.
لسان العرب (٤/ ٥٢).