للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الشرائع فليتوصل في أخذ ذلك من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بأمير المؤمنين، مع أن الواقع في زمن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بخلافه؛ فإنهم كانوا يأخذون عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- من دون أن يتوصلوا بأمير المؤمنين، ولم ينكر عليهم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، ولا أرجعهم إلي أمير المؤمنين ... اهـ.

وقد أجاب أحد أولاد آلهادي أن المراد به بعد موته، وهو خلاف ظاهر الحديث (١)


(١) قال ابن تيمية في "منهاج السنة" (٧/ ٥١٥ - ٥١٦): وحديث: " أنا مدينة العلم وعلي بابها " أضعف وأوهى
فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ كان مدينة العلم، ولم يكن لها إلا باب واحد، ولم يبلغ عنه العلم إلا واحد، فسد أمير الإسلام ولهذا اتفق المسلمون على أنه لا يجوز أن يكون المبلغ عنه العلم واحدا بل يجب أن يكون المبلغون أهل التواتر، الذين يحصل العلم بخبرهم للغائب.
وخبر الواحد لا يفيد العلم إلا بالقرائن، وتلك قد تكون منتفية أو خفية عن كثر الناس، فلا يحصل لهم العلم بالقرآن والسنن المتواترة. وإذا قالوا: ذلك الواحد المعصوم يحصل العلم بخبره.
قيل لهم: فلا بد من العلم بعصمته أولا. وعصمته لا تثبت. بمجرد خبره قبل أن يعلم عصمته، فإنه دور، ولا تثبت بالإجماع، فإنه لا إجماع فيها.
وعند الإمامية إنما يكون الإجماع حجة، لأن فيهم الإمام المعصوم، فيعود الأمير إلي إثبات عصمته. بمجرد دعواه، فعلم أن عصمته لو كانت حقا لا بد أن تعلم بطريق آخر غير خبره.
فلم لم يكن لمدينة العلم باب إلا هو، لم يثبت لا عصمته ولا غير ذلك من أمور الدين، فعلم أن هذا الحديث إنما افتراه زنديق جاهل ظنه مدحا، وهو مطرق الزنادقة إلي القدح في دين الإسلام، إذا يبلغه إلا واحد.
ثم إن هذا خلاف المعلوم بالتواتر، فمان جميع مدائن الإسلام بلغهم العلم عن الرسول من يخر علي.
أما أهل المدينة ومكة فالأمير فيهما ظاهر، وكذلك الشام والبصرة، فإن هؤلاء لم يكونوا يروون عن على إلا شيئا قليلا.
وبكما كان غالب علمه في الكوفة، ومع هذا فأهل الكوفة كانوا يعلمون القرآن والسنة قبل أن يتولى عثمان، فضلا عن علي.
وفقهاء أهل المدينة تعلموا الدين في خلافة عمر، وتعليم معاذ لأهل اليمن ومقامه فيهم كثر من على، ولهذا روى أهل اليمن عن معاذ بن جبل كثر مما رووا عن علي. وشريح وغيره من أكابر التابعين إنما تفقهوا على معاذ بن جبل، ولما قدم علي الكوفة كان شريح فيها قاضيا ... فانتشر علم الإسلام في المدائن قبل أن يقدم على الكوفة.