للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فتخطَّيتُ حتى جلستُ إليهِ، فأسلمتُ فقلتُ: أشهدُ أَن لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّكَ رسولُ اللهِ، الأمانَ يا رسولَ اللهِ، قالَ: «مَن أنتَ؟» قلتُ: أنا كعبُ بنُ زهيرٍ، قالَ: «الذي يقولُ»، ثم التفتَ إلى أبي بكرٍ فقالَ: «كيفَ قالَ يا أبا بكرٍ؟» فأنشدَهُ أبوبكرٍ:

أَلا أبلِغا عنِّي بُجيراً رسالةً ... على أيِّ شيءٍ ويبَ غيرِكَ دلَّكا

على خلقٍ لم تلفِ أُمَّا ولا أباً عليهِ ... ولم تُدركْ عليه أخاً لَكَا

سقاكَ أبوبكرٍ بكأسِ رويةٍ ... وأَنْهلَكَ المأمونُ مِنها وعلَّكا

فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما قلتُ هكَذا، قالَ: «فكيفَ قُلتَ» إنما قلتُ:

سقاكَ أبوبكرٍ بكأسِ رويةٍ ... وأَنهلَكَ المأمورُ مِنها وعلَّكا

فقالَ: «مأمورٌ واللهِ»، ثم أنشدتُّه القصيدةَ كلَّها حتى أَتى على آخرِها، قالَ: وأَملاها عليَّ الحجاجُ بنُ ذي الرقيبةِ حتى أَتى على آخرِها وهي هذِهِ القصيدةُ:

بانتْ سُعادُ فقَلبي اليومَ مَتبولٌ ... مُتَيَّمٌ عندَها لم يُفْدَ مغلولُ

وما سعادُ غَداةَ البَينِ إذ ظعَنوا ... إلا أَغَنُّ غَضيضُ الطرفِ مَكحولُ

تَجلُو عوارضَ ذي ظلْمٍ إذا ابتسمتْ ... كأنَّه مُنهلٌ بالكأسِ مَعلولُ

شَجَّ السُّقاةُ عليهِ ماءَ مَحنيةٍ ... مِن ماءِ أبطحَ أَمسى وهو مَشمولُ

تَنفي الرياحُ القَذا عنهُ وأَفرَطَهُ ... مِن صَوْبِ غاديةٍ بيضٌ يَعاليلُ

سقياً لها خُلة لو أنَّها صدقتْ ... مَوعودَها أو لوَانَّ العذرَ مَقبولُ

لكنَّها خلةٌ قدْ شيطَ مِن دمِها ... فَجْعٌ ووَلعٌ وإِخلافٌ وتَبديلُ

فمَا تدومُ على حالٍ تكونُ بِها ... كمَا تَلَّونَ في أثوابِها الغولُ

ولا تمسَّكُ بالعهدِ الذي زعمتْ ... إلا كمَا يُمسكُ الماءَ الغرابيلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>