للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كبيراً أو صغيراً إلا ابتدَرَه، وكنتُ قلَّ يوماً أرجعُ إلا بعشرةِ أعيارٍ وبعشرٍ مِن النعامِ، أو بعشرةٍ مِن البقرِ، أو بعشرةٍ مِن الأَروى أو مِن الظِّباءِ، وكنتُ إذا أَتيتُ الصيدَ فيه حياةٌ عقرتُه للصنمِ وذبحتُه على اسمِهِ، ثم لم يأكلْ مِن لحمِهِ إلا ضيفٌ أو أسيرٌ، فكنتُ أقولُ:

حيَّاض إنَّك مأمولٌ منافِعُه ... وقد جعلتُكَ موقوفاً بفَرَّاض

قالَ: فلم أزلْ على ذلكَ وحيَّاضٌ عِندي وأنا مِن أوسعِ العربِ رجلاً وأكثرِ العربِ نزيلاً، حتى إذا ظهرَ أمرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم نزلَ رجلٌ ممن قدمَ عليه فسمعَ قولَه فحدَّثَ عنه ما رَأى وأَنا أسمعُ ما يقولُ، وحيَّاضٌ معي، فرأيتُه يُصغي إلى حديثِ الرجلِ إصغاءَ مَن يسمعُ ما يقولُ، فلم أحفَلْ بذلكَ مِنه وانصرفتُ وقد رَسَخَ في قَلبي ما سمعتُ.

فلمَّا كانَ مِن غدٍ خرجتُ للقنصِ، إذ إنِّي لبفلاةٍ أقودُ حيَّاضاً وهو يأْبى أن يَتبعني وأنا أُكرهُه وأجرُّه، فإنِّي كذلكَ إذ رأيتُ تَولَباً، وهو حمارُ وحشٍ صغيرٌ، فأرسلتُه فصحتُ به كما كنتُ أَفعلُ، فقصَدَه حتى إذا قلتُ قد أخَذَه حادَ عنه وفاتَه التَّولَبُ، فأدركتُه فأخذتُه ومسحتُه ثم مَضيتُ غيرَ بعيدٍ، فرأيتُ غزالاً صغيراً، فأرسلتُه وجاءَه حتى إذا ظَننتُ قد أخَذَه حادَ عنه، فأتيتُه فأخذتُه ومسحتُه ببردي وأعذتُه بفَرَّاضٍ، وأرسلتُه على ظبيةٍ مَعها خشْفٌ (١) إلا يأخذها يأخُذْ خشْفَها، فأَهوى نحوَها ثم حادَ فعجبتُ مما رأيتُ، ثم أنشأَ يقولُ:

ما بالُ حيَّاضٍ يحيدُ كأنَّما ... يَرى الصيدَ ممنوعاً بشوكِ الأَساورِ

قالَ: وأخذتُ الكلبَ وإنَّه لمعي وأنا أُريدُ الرجوعَ، إذ رأيتُ رجلاً عظيمَ الخلقِ راكباً على عيرِ وحشٍ وقد تربعَ على ظهرِه، وإلى جانبِهِ رجلٌ آخرُ راكبٌ على


(١) هو ولد الظبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>