للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد نَظرا إليكَ بالأمسِ وإنَّما تَركاكَ لأنَّهما استضعفاكَ وعلِما أنَّك ستهربُ إذا بلغَكَ خبَرَهما، وقد علقاني وأنا صاحبُ وثنٍ، فبَسطا عليَّ عذابَهما حتى حلفتُ لهما أنِّي أهربُ عن الوثنِ ثم لا أقربُهُ أبداً، فترَكاني، وأَنا أَرى لكَ أَن تهربَ مِن وثنِكَ قبلَ أَن يَقعا عليكَ، فإنَّهما إنْ علقاك قَتلاكَ، وأنا ناصحٌ لكَ.

فقالَ له حَيَّاضٌ: ويحكَ، فأينَ تَرى لي؟ قالَ: حيثَ هَوى نَفسي، نحو عينِ البحرِ لنقعَ بأرضِ الهندِ، قالَ: فمِن سَاعتِنا، قالَ: إذا شئتَ، وخَرَجا، وقمتُ في أثرِهما فإذا لا أثرَ ولا خبرَ، فرجعتُ مِن ساعَتي إلى أَهلي فأخبرتُهم بخبرِ حَيَّاضٍ، قَالوا: فما تَرى؟ قلتُ: أَرى أَن آتَي محمداً عليه السلامُ فأَتبعَه، قالَ: فحلَفوا عليَّ وقَالوا: بئسَما رأيتَ لنفسِكَ ترغبُ عن دينِ آبائِكَ، فقلتُ لهم: إنَّما أَستشيرُكم، وما الرأيُ إلا فيما رأيتُم وأَشرتُم، فلستُ بفاعلٍ على غيرِه، وغَفلوا عنِّي وآتي الصنمَ فأفضُّه حتى جعلتُه حطباً.

ثم وفدتُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأتيتُ يومَ جمعةٍ فكنتُ أسفلَ منبرِهِ، فصعدَ يخطبُ فقالَ بعدَ أنْ حمدَ اللهَ وأثَنى عليه: «إنِّي لرسولُ اللهِ إليكم نبيُّ الآياتِ والبيناتِ، وإنَّ أسفلَ مِنبري هذا الرجلُ مِن سعدِ العَشيرةِ، قدمَ يُريدُ الإسلامَ، ولم أَرهُ قطُّ ولم يَرَني إلا في ساعَتي هذه، ولم أُكلِّمْه ولم يُكلِّمْني، وسيُخبرُكم بعدَ أَن أُصلِّيَ عجباً».

قالَ: وصلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم وقد مُلئتُ مِنه عجباً، فلمَّا صلَّى قالَ لي: «ادُنْه يا أخا العَشيرةِ، حدِّثنا خبرَكَ وخبرَ حَيَّاضٍ وفَرَّاضٍ ما رأيتَ وسمعتَ»، قالَ: فقمتُ على قَدمي ثم حدَّثته والمسلمينَ حتى أَتيتُ على آخرِ حَديثي، قالَ: فرأيتُ وجهَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم للسرورِ مذهباً، فدَعاني إلى الإسلامِ وتَلا عليَّ القرآنَ، فأَسلمتُ وأَقمتُ عندَه حِيناً، ثم استأذنتُهُ في القدومٍ على قَومي فأذنَ لي، فخرجتُ حتى أَتيتُهم ورغبتُهم في الإسلامِ فأَسلموا، وأَتيتُ بهم رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فوافَقوه على

<<  <  ج: ص:  >  >>