للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فربَّاهُ وتبنَّاهُ إلى أَن جاءَ رجلٌ مِن الحيِّ فنظرَ إلى زيدٍ فعرفَهُ فقالَ لَه: أنتَ زيدُ بنُ حارثةَ؟ قالَ: لا أَنا زيدُ بنُ محمدٍ، فقالَ: بلْ أنتَ زيدُ بنُ حارثةَ، إنَّ أباكَ وعُمومَتَك و إخوتَكَ قَد أَتعَبوا الأَبدانَ وأَنفَقوا الأموالَ في سَببِكَ فقالَ:

أَلِكْنى إلى قَومي وإنْ كُنتُ نائياً ... وإنِّي قطينُ البيتِ عندَ المشاعرِ

فكفُّوا مِن الوَجدِ الذي قدْ شَجاكُمُ ... ولا تُعمِلوا في الأرضِ نصَّ الأَباعرِ

فإنِّي بحمدِ اللهِ في خيرِ أُسرةٍ ... خيارِ مَعَدٍّ كابِراً بعدَ كابرٍ

فمَضى الرجلُ فخبَّرَ حارثةَ، ولِحارثةُ فيهِ أشعارٌ بعضُها:

بكيتُ على زيدٍ ولم أدرِ ما فعلْ ... أحيٌّ يُرجى أَم أَتى دونَهُ الأَجلْ

وواللهِ لا أَدري وإنِّي لسائلٌ ... أَغالَكَ سهلُ الأرضِ أَم غالَكَ الجبلْ

ويا ليْت شِعري هل لكَ الدهرَ رجعةٌ ... فحَسْبي مِن الدُّنيا رجوعُك في بَجَلْ

تُذكِّرنيه الشمسُ عندَ طُلوعِها ... وتَعرِضُ ذكراهُ إذا عَسعسَ الطَّفَلْ

وإنْ هَبَّت الأرواحُ هيَّجْنَ ذِكرَه ... فيا طولَ أَحزاني عليهِ ويا وَجَلْ

فسأُعمِلُ نصَّ العِيسِ في الأرضِ جاهداً ... ولا أَسأمُ التَّطوافَ أو تَسأمَ الإبلْ

حياتي أو تَأتي عليَّ مَنيَّتي ... وكلُّ امرئٍ فانٍ وإنْ غرَّهُ الأملْ

ثم إنَّ حارثةَ أقبلَ إلى مكةَ في إخوتِهِ وولدِهِ وبعضِ عشيرتِهِ، فأصابَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بفناءِ الكعبةِ في نفرٍ مِن أصحابِهِ وزيداً فيهم، فلمَّا نَظروا إلى زيدٍ عَرَفوه وعرَفَهم، فَقالوا لَه: يا زيدُ، فلمْ يُجبْهم إجلالاً مِنه لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وانتظاراً مِنه لرأيِهِ، فقالَ لَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَن هؤلاءِ يا زيدُ؟» فقالَ: يا رسولَ اللهِ، هذا أَبي وهذانِ عمَّايَ وهذا أَخي وهؤلاءِ عَشيرَتي، فقالَ لَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «قُم فسلِّمْ عليهِم يا زيدُ»، فقامَ فسلَّمَ عليهم وسلَّموا عليهِ، وقَالوا: امضِ مَعَنا يا زيدُ، قالَ: ما

<<  <  ج: ص:  >  >>