للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أُريدُ برسولِ اللهِ بَدَلاً، فَقالوا لَه: يا محمدُ إنَّا مُعطوكَ بِهذا الغلامِ دِيَاتٍ فسمِّ ما شئتَ، فإنَّا حامِلُوها إليكَ، قالَ: «أسأَلُكم أَن تَشْهدوا أَن لا إلهَ إلا اللهُ وأنِّي خاتَمُ أنبيائِهِ ورُسلِهِ»، فأَبوا وتَلَكَّؤوا وتَلَجْلَجوا، وقالوا: تقبلُ ما عَرَضْنا عليكَ يا محمدُ؟ فقالَ لَهم: «ههنا خصلةٌ غيرُ هذِه، قدْ جعلتُ أمرَهُ إليهِ، إنْ شاءَ فليقُمْ وإنْ شاءَ فليرحلْ»، قَالوا: قَضيتَ ما عليكَ يا محمدُ، وظنُّوا أنَّهم قد صَاروا مِن زيدٍ إلى حاجَتِهم، قَالوا: يا زيدُ، قدْ أذنَ لكَ محمدٌ فانطلقْ مَعَنا، قالَ: هَيهاتَ هَيهاتَ، ما أريدُ برسولِ اللهِ بَدلاً، ولا أوثرُ عليهِ والداً ولا ولداً، فأَداروه وأَلاصوهُ واستعطَفُوه، وذَكَروا وَجْدَ مَن وراءَهم، فأَبى وحلفَ أَن لا يصحَبَهم، فقالَ حارثةُ: أمَّا أَنا فإنِّي مؤنِسُكَ بنَفسي، فآمَنَ حارثةُ، وأمَّا الباقونَ فرَجَعوا إلى البريةِ، ثم إنَّ أخاهُ جبلةَ رجعَ فآمَنَ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم.

وأولُ لواءٍ عقدَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيدِهِ إلى الشامِ لزيدٍ، وأولُ شهيدٍ كانَ بمؤتةَ زيدٌ، وثانيهِ جعفرٌ الطَّيارٌ، وآخِرُ لواءٍ عقدَهُ بيدِهِ لأسامةَ على اثني عشرَ ألفاً مِن الناسِ فيهم عمرُ، فقالَ: إلى أينَ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: «عليكَ بِيُبْنى» فصبِّحْها صباحاً فقطِّعْ وحرِّقْ وضعْ سيفَكَ وخُذ بثأرِ أبيكَ، واعتَلَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وقالَ: «جهِّزوا جيشَ أُسامةَ، أَنفِذوا جيشَ أُسامةَ»، فجُهزَ إلى أَن صارَ إلى الجُرفِ، واشتدتْ علةُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فبعَثَ إلى أُسامةَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يريدُكَ، فرجعَ فدخلَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقدْ أُغميَ عليهِ، ثم أفاقَ صلى الله عليه وسلم فنظرَ إلى أُسامةَ، فأقبلَ يرفعُ يديهِ إلى السماءِ ثم يُفرغُها عليهِ، قَالوا: فعَرَفنا أنَّه إنَّما يَدعو لَه.

ثم قُبضَ صلى الله عليه وسلم، فكانَ فيمَن غسلَهُ الفضلُ بنُ العباسِ وعليُّ بنُ أبي طالبٍ، وأسامةُ يصبُّ عليهِ الماءَ، فلمَّا دُفنَ عليهِ السلامُ قالَ عمرُ لأبي بكرٍ: ما تَرى في لواءِ أسامةَ؟ قالَ: ما أُحلُّ عقداً عقدَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ولا يحلُّ عن عسكرِهِ رجلٌ إلا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>