للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ، كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ لَا دَخَلْتُ مَعَ فلان بيتاً. فلا يحنث (بدخوله) (١) (معه المسجد وما أشبه ذلك ووجهه أن اللفظ يقتضي الحنث بِدُخُولِ) (٢) كُلِّ مَوْضِعٍ يُسَمَّى بَيْتًا (فِي اللُّغَةِ) (٣) وَالْمَسْجِدِ يُسَمَّى بَيْتًا فَيَحْنَثُ عَلَى ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّ عُرْفَ النَّاسِ أَنْ لَا يُطْلِقُوا هَذَا اللَّفْظَ عَلَيْهِ، فَخَرَجَ بِالْعُرْفِ (عَنْ) (٤) مُقْتَضَى اللَّفْظِ، فلا يحنث.

/والخامس: ترك الدليل للمصلحة، كَمَا فِي تَضْمِينِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرِكِ (٥)، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَانِعًا، فَإِنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ، كَتَضْمِينِ صَاحِبِ الحمَّام الثِّيَابَ، وَتَضْمِينِ صَاحِبِ السَّفِينَةِ، وَتَضْمِينِ السَّمَاسِرَةِ الْمُشْتَرِكِينَ، وَكَذَلِكَ حمَّال الطَّعَامِ ـ عَلَى رَأْيِ مَالِكٍ ـ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ، ولاحق عنده بالصنَّاع، والسبب في ذلك (عين) (٦) السَّبَبِ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا مِنْ بَابِ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ لَا مِنْ بَابِ الِاسْتِحْسَانِ.

قُلْنَا: نَعَمْ، إِلَّا أَنَّهُمْ (صَوَّرُوا الِاسْتِحْسَانَ تصور الِاسْتِثْنَاءِ مِنَ الْقَوَاعِدِ) (٧) بِخِلَافِ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُتَصَوَّرُ فِي مَسْأَلَةِ التَّضْمِينِ، فَإِنَّ/ الْأُجَرَاءَ مُؤْتَمَنُونَ بِالدَّلِيلِ/ لَا بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ، فَصَارَ تَضْمِينُهُمْ فِي حَيِّزِ (الْمُسْتَثْنَى) (٨) مِنْ ذَلِكَ الدَّلِيلِ، فَدَخَلَتْ تحت معنى


(١) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "بدخول".
(٢) زيادة من (غ).
(٣) زيادة من (غ) و (ر).
(٤) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "على".
(٥) الأجير المشترك: هو الذي يقع العقد معه على عمل معين، كخياطة ثوب، وبناء حائط، وحمل شيء إلى مكان معين، أو على عمل في مدة لا يستحق جميع نفعه فيها، كالكحَّال والطبيب، سمي مشتركاً لأنه يقبل أعمالاً لاثنين وثلاثة وأكثر في وقت واحد، ويعمل لهم، فيشتركون في منفعته واستحقاقها، فسمي مشتركاً لاشتراكهم في منفعته. انظر: المغني لابن قدامة (٦ ١٠٥ ـ ١٠٦).
(٦) في (ط) و (خ) و (م): "بعد". وفي (غ) و (ر): "هو".
(٧) في (غ): "تصوير الاستحسان من العوايد". وفي (ت): "صورا الاستحسان بصور ... ". وفي هامشها: "تصورا الاستحسان تصور ... إلخ".
(٨) في (ت): "الاستثناء" وكتبت في هامشها: "المستثنى".