للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوقه) (١) وقولهم: (إِنَّ اللَّهَ حَجَرَ التَّوْبَةَ عَنْ صَاحِبِ الْبِدْعَةِ) (٢).

وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَيَشْهَدُ لَهُ الْوَاقِعُ، فَإِنَّهُ قَلَّمَا تَجِدُ صَاحِبَ بِدْعَةٍ ارْتَضَاهَا لِنَفْسِهِ (يَخْرُجُ) (٣) عَنْهَا أَوْ يَتُوبُ مِنْهَا، بَلْ هُوَ يَزْدَادُ بضلالتها بصيرة.

روى عن الشافعي رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: مَثَلُ الَّذِي يَنْظُرُ فِي الرَّأْيِ ثُمَّ يَتُوبُ مِنْهُ (مَثَلُ) (٤) الْمَجْنُونِ الَّذِي عُولج حَتَّى بَرِئَ، (فَأَعْقَلَ) (٥) مَا يَكُونُ (قَدْ) (٦) هَاجَ (به) (٧).

وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الثَّانِي أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنَ النَّقْلِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا تَوْبَةَ لَهُ أَصْلًا، لِأَنَّ/ الْعَقْلَ يجوِّز ذَلِكَ، والشرع إن (جاء) (٨) عَلَى مَا ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ فَعُمُومُهُ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ عَادِيًّا، وَالْعَادَةُ إِنَّمَا تَقْتَضِي فِي الْعُمُومِ الْأَكْثَرِيَّةَ، لا (انحتام) (٩) الشُّمُولَ الَّذِي يَجْزِمُ بِهِ الْعَقْلُ إِلَّا بِحُكْمِ الِاتِّفَاقِ، وَهَذَا مُبَيَّنٌ فِي الْأُصُولِ.

وَالدَّلِيلُ/ عَلَى ذلك أنا (قد) (١٠) وَجَدْنَا مَنْ كَانَ (عَامِلًا) (١١) بِبِدَعٍ ثُمَّ تَابَ مِنْهَا وَرَاجَعَ نَفْسَهُ بِالرُّجُوعِ عَنْهَا، كَمَا رَجَعَ من الخوارج من رجع حين


(١) تقدم تخريجه (١/ ١١١).
(٢) روي هذا الأثر حديثاً مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلفظ: (إن الله حجز ـ أو قال: حجب ـ التوبة عن كل صاحب بدعة)، أخرجه ابن أبي عاصم في السنة برقم (٣٧)، وقال الألباني: حديث صحيح، وإسناده ضعيف جداً. وصححه في السلسلة الصحيحة (٤ ١٥٤)، برقم (١٦٢٠)، وبنحوه في مسند إسحاق بن راهويه (٣٩٨)، والبدع والنهي عنها لابن وضاح (١٥٧)، والطبراني في الأوسط (٤٣٦٠)، والبيهقي في شعب الإيمان (٩٤٥٦ و٩٤٥٧)، والضياء في المختارة (٢٠٥٤ و٢٠٥٥).
(٣) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): قلما يخرج. وصححت في هامش (ت).
(٤) في (م): "من".
(٥) في (غ) و (ر): "فأغفل".
(٦) ساقط من (غ) و (ر).
(٧) زيادة من (غ) و (ر)، والأثر أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (٢٠٣٤).
(٨) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "يشا".
(٩) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "نحتاج".
(١٠) زيادة من (غ) و (ر).
(١١) في (غ) و (ر): "عالماً".