للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْآيَةَ، أَيْ لِلَّذِينِ اتَّقَوُا اسْتَقَرَّ لَهُمْ عِنْدَ ربهم جنات تجري (من تحتها الأنهار. الْآيَةَ) (١).

فَأَعْطَى مَضْمُونُ الْكَلَامِ مَعْنَى الْجَوَابِ عَلَى غَيْرِ لَفْظِهِ. وَهَذَا التَّقْرِيرُ عَلَى قَوْلِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ.

وَقَالَ تَعَالَى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} (٢) الْآيَةَ، فَقَوْلُهُ: (مَثَلُ الْجَنَّةِ) يَقْتَضِي الْمَثَلَ لَا الْمُمَثَّلُ ـ (كَمَا قَالَ تَعَالَى) (٣): {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اُسْتَوْقَدَ نَارًا} (٤) (ولكن) (٥) (لما) (٦) كَانَ الْمَقْصُودُ الْمُمَثَّلَ جَاءَ بِهِ بِعَيْنِهِ.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ذَكَرَ الْفِرَقَ وَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا فِرْقَةً نَاجِيَةً كَانَ الْأَوْلَى السُّؤَالَ عَنْ أَعْمَالِ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ، لَا عَنْ نَفْسِ الْفِرْقَةِ. لِأَنَّ التعريف (بها) (٧) مِنْ حَيْثُ هِيَ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إِلَّا من جهة/ أعمالها التي نجت بها. فالمقدم فِي الِاعْتِبَارِ هُوَ الْعَمَلُ لَا الْعَامِلُ، فَلَوْ سألوا (فقالوا) (٨): مَا وَصْفُهَا؟ أَوْ مَا عَمَلُهَا؟ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَكَانَ أَشَدَّ مُطَابَقَةً فِي اللَّفْظِ والمعنى، فلما فهم صلّى الله عليه وسلّم (منهم) (٩) ما قصدوا/ أجابهم (على) (١٠) ذلك.

أو نقول: لَمَّا تَرَكُوا السُّؤَالَ عَمَّا كَانَ الْأَوْلَى فِي حَقِّهِمْ، أَتَى بِهِ جَوَابًا عَنْ سُؤَالِهِمْ، حِرْصًا منه صلّى الله عليه وسلّم عَلَى تَعْلِيمِهِمْ مَا يَنْبَغِي لَهُمْ تَعَلُّمُهُ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ.

/وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ مَا سَأَلُوا عنه لا يتعين، (إذ) (١١) لا تختص


(١) في (غ): الآية، وفي (ت): "من تحتها الأنهار".
(٢) سورة محمد: الآية (١٥).
(٣) في (غ) و (ر): "فقال".
(٤) سورة البقرة: الآية (١٧).
(٥) في (م): "ولأن". وفي (ط) و (خ) و (ت): "ولأنه".
(٦) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "كلما".
(٧) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "فيها".
(٨) زيادة من (غ) و (ر).
(٩) ساقط من (غ) و (ر).
(١٠) ساقط من (غ) و (ر).
(١١) في (م): "إذا".