للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

/الباب العاشر

فِي بَيَانِ مَعْنَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِي انْحَرَفَتْ عنه سبل أَهْلِ الِابْتِدَاعِ فضلَّت عَنِ الْهُدَى بَعْدَ الْبَيَانِ

قَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا أَنَّ كُلَّ فِرْقَةٍ وَكُلَّ طَائِفَةٍ تَدَّعِي أَنَّهَا عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَأَنَّ مَا سِوَاهَا مُنْحَرِفٌ عَنِ الْجَادَّةِ وَرَاكِبٌ بنيات الطريق، فوقع (الاختلاف بينهم إِذًا) (١) فِي تَعْيِينِهِ وَبَيَانِهِ، حَتَّى أَشْكَلَتِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ نَظَرَ فِيهَا، حَتَّى قَالَ مَنْ قَالَ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ فِي الْعَقْلِيَّاتِ أَوِ النقليات مصيب. فعدد الأقوال (إذاً) (٢) فِي تَعْيِينِ هَذَا الْمَطْلَبِ عَلَى عَدَدِ الْفِرَقِ، وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الِاخْتِلَافِ، إِذْ لَا (تَكَادُ) (٣) تَجِدُ فِي الشَّرِيعَةِ مَسْأَلَةً/ يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ (فِيهَا) (٤) عَلَى بِضْعٍ وَسَبْعِينَ قَوْلًا إِلَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، فَتَحْرِيرُ النَّظَرِ حَتَّى تَتَّضِحَ الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ الَّتِي كان (عليها) (٥) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَأَصْحَابُهُ) (٦) مِنْ أغمض المسائل.

ووجه ثان (٧): أن الطريق الْمُسْتَقِيمَ لَوْ تعيَّن بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ بَعْدَ الصحابة رضي الله عنهم لَمْ يَقَعِ اخْتِلَافٌ أَصْلًا، لَأَنَّ الِاخْتِلَافَ مَعَ تَعْيِينِ مَحَلِّهِ مُحال، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ بِقَصْدِ الْعِنَادِ، لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ مُخْرِجٌ عن الإسلام، وكلامنا في الفرق (الإسلامية) (٨).


(١) في (ط) و (م) و (خ): "بينهم الاختلاف هذا"، وفي (غ) و (ر): "بينهم الاختلاف إذاً".
(٢) زيادة من (غ) و (ر).
(٣) ساقط من (غ) و (ر).
(٤) ساقط من (غ) و (ر).
(٥) في (ط) و (م) و (خ): عليه.
(٦) ما بين القوسين زيادة من (ت).
(٧) الوجه الأول هو ما سبق من الكلام قبل قوله (ووجه ثان).
(٨) زيادة من (غ) و (ر).