للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تِلْكَ الْعَوَائِدَ اللَّازِمَةَ فِي الْعَادَاتِ لَيْسَتْ بِعَقْلِيَّةٍ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ تَخَلُّفُهَا، بَلْ يُمْكِنُ أَنْ (تَتَخَلَّفَ) (١) كَمَا يَجُوزُ عَلَى كُلِّ مَخْلُوقٍ أَنْ يَصِيرَ مِنَ الْوُجُودِ إِلَى الْعَدَمِ، كَمَا خَرَجَ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ.

(فَمَجَارِي) (٢) الْعَادَاتِ إِذًا يُمْكِنُ (عَقْلًا تَخَلُّفِهَا) (٣). إِذْ لَوْ كَانَ عَدَمُ التَّخَلُّفِ لَهَا عَقْلِيًّا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ (تَتَخَلَّفَ) (٤) لَا لِنَبِيٍّ وَلَا لِغَيْرِهِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَدَّعِ أَحَدُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْجَمْعَ بين النقيضين، ولا تحدى أحد بكون (الواحد أكثر من اثنين) (٥)، مَعَ أَنَّ الْجَمِيعَ فَعْلُ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ/ وَإِذَا أَمْكَنَ فِي الْعَصَا وَالْبَحْرِ وَالْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ وَالْأَصَابِعِ وَالشَّجَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ أَمْكَنَ فِي جَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ، لِأَنَّ مَا وَجَبَ لِلشَّيْءِ وَجَبَ لِمِثْلِهِ.

وَأَيْضًا فَقَدْ جاءنا الشرع بأوصاف (في) (٦) أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ خَارِجَةٍ عَنِ الْمُعْتَادِ الذي (عهدنا) (٧)، فَإِنَّ (كَوْنَ) (٨) / الْإِنْسَانِ فِي الْجَنَّةِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ ثُمَّ لَا يَغُوطُ وَلَا يَبُولُ غَيْرُ مُعْتَادٍ، وَكَوْنَ عَرَقِهِ كَرَائِحَةِ الْمِسْكِ غَيْرُ/ مُعْتَادٍ وَكَوْنَ الْأَزْوَاجِ مُطَهَّرَةً مِنَ الْحَيْضِ مَعَ كَوْنِهِنَّ فِي حالة الصبا وسن من (تحيض) (٩) غَيْرُ مُعْتَادٍ، وَكَوْنَ الْإِنْسَانِ فِيهَا لَا/ يَنَامُ (أصلاً) (١٠) وَلَا يُصِيبُهُ جُوعٌ وَلَا عَطَشٌ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ أَبَدَ الدَّهْرِ غَيْرُ مُعْتَادٍ، وَكَوْنَ الثَّمَرِ فِيهَا إِذَا (قُطِفَ) (١١) أخلف في الحال (وتدانى) (١٢) إِلَى يَدِ الْقَاطِفِ إِذَا اشْتَهَاهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ، وَكَوْنَ اللَّبَنِ وَالْخَمْرِ وَالْعَسَلِ فِيهَا أَنْهَارًا مِنْ غَيْرِ/ حُلَابٍ وَلَا عَصْرٍ وَلَا نَحْلٍ، وَكَوْنَ الخمر لا تسكر غير معتاد، وكون


(١) في (م): "يتخلف".
(٢) في (ط): "فمبادي".
(٣) في (ت): "تخلفها عقلاً".
(٤) في (م): "يتخلف".
(٥) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "الاثنين أكثر من الواحد".
(٦) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "من".
(٧) في (ط): "عندنا".
(٨) في (غ) و (ر): "كان".
(٩) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "يحيض".
(١٠) زيادة من (غ) و (ر).
(١١) في (غ) و (ر): "قطعت".
(١٢) في (ط) و (ت): "ويتدانى".