للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ تَأَوَّلَهُ الْعُلَمَاءُ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ عَلَى قَضَايَا دَخَلَ أَصْحَابُهَا تَحْتَ حُكْمِ اللَّفْظِ كَالْخَوَارِجِ، فَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي الْعُمُومِ.

ثُمَّ تَلَا أَبُو أُمَامَةَ الْآيَةَ الْأُخْرَى وَهِيَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (١)، وفسَّرها بمعنى (٢) ما فسّر به الآية (٣) الأولى (٤)، فهي تقتضي (٥) الْوَعِيدُ وَالتَّهْدِيدُ (٦) لِمَنْ تِلْكَ صِفَتُهُ، وَنَهَى الْمُؤْمِنِينَ أن يكونوا مثلهم.

ونقل عبد بن حميد (٧) عَنْ حُمَيْدِ بْنِ مِهْرَانَ (٨) قَالَ: سَأَلْتُ (٩) الْحَسَنَ: كَيْفَ يَصْنَعُ أَهْلُ (١٠) هَذِهِ (الْأَهْوَاءِ الْخَبِيثَةِ) (١١) بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي آلِ عِمْرَانَ: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} (١٢)، قال: "نبذوها وربّ الكعبة وراء ظهورهم" (١٣).


=ومريم، تعالى الله وتقدس وتنزّه عما يقول الظالمون والجاحدون علوّاً كبيراً، وفي كل ذلك من قولهم قد نزل القرآن". انظر تفسير ابن كثير (١/ ٥٥١).
وقد ذكر خبرهم الإمام ابن سعد في الطبقات (١/ ٣٥٧)، والإمام ابن هشام في السيرة (٢/ ٢٢٢)، والإمام ابن كثير في البداية والنهاية (٥/ ٤٨)، والإمام ابن القيم في زاد المعاد (٣/ ٦٢٩)، والإمام الواحدي في أسباب النزول (ص١٢٨ ـ ١٢٩)، وانظر صحيح البخاري (٨/ ٩٣ ـ مع الفتح)، ومسند الإمام أحمد (١/ ٤١٤).
(١) سورة آل عمران، آية (١٠٥ ـ ١٠٧).
(٢) في (م) و (خ) و (ت): "بالمعنى".
(٣) في (ر): "الرواية".
(٤) المثبت من (غ)، وفي بقية النسخ: "الأخرى"، وذلك في نفس الحديث السابق حيث فسر قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ ... }، وهذه الآية بأن المراد بهما الخوارج. وتقدم تخريج الحديث مستوفى (ص٧٦).
(٥) ساقطة من جميع النسخ عدا (غ).
(٦) في (ت): "والتشديد والتهديد".
(٧) المثبت هو ما في (غ)، وهو الصواب. وفي بقية النسخ: "ونقل عبيد عن حميد بن مهران ... ".
(٨) هو حميد بن أبي حميد مهران الخياط الكندي، أو المالكي، ثقة، روى عن الحسن، وروى عنه مسلم وأبو عاصم. انظر الكاشف للذهبي (١/ ١٩٣)، وتقريب التهذيب (١/ ٢٠٤).
(٩) في (غ): "سمعت".
(١٠) ساقطة من (ت).
(١١) بياض في (غ).
(١٣) سورة آل عمران، آية (١٠٥).
(١٢) ذكر هذا الأثر الإمام السيوطي في الدر المنثور، وعزاه لعبد بن حميد. انظر الدر المنثور (٢/ ٢٨٩).