للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلْعَبْدِ أَنْ يُرَاعِيَ أَبَدًا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ فَرْضٍ يُحْكِمُهُ عَلَى تَمَامِ حُدُودِهِ، وَيَنْظُرُ إِلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ فَيَتَّقِيهِ عَلَى إِحْكَامِ مَا يَنْبَغِي، فَإِنَّ الَّذِي قَطَعَ الْعِبَادَ عَنْ رَبِّهِمْ، وَقَطَعَهُمْ عَنْ أَنْ يَذُوقُوا حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ، وَأَنْ يَبْلُغُوا حَقَائِقَ الصِّدْقِ، وَحَجَبَ قُلُوبَهُمْ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الْآخِرَةِ، تَهَاوُنُهُمْ بِأَحْكَامِ مَا فُرِضَ عَلَيْهِمْ فِي قُلُوبِهِمْ وَأَسْمَاعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ وَبُطُونِهِمْ وَفُرُوجِهِمْ. وَلَوْ وَقَفُوا عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَأَحْكَمُوهَا لَأُدْخِلَ عَلَيْهِمُ الْبِرُّ إِدْخَالًا تَعْجَزُ أبدانهم وقلوبهم عن حمل ما ورثهم (١) اللَّهُ مِنْ حُسْنِ مَعُونَتِهِ، وَفَوَائِدِ كَرَامَتِهِ، وَلَكِنَّ أكثر القراء والنساك حقروا محقرات الذنوب، وتهاونوا بِالْقَلِيلِ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعُيُوبِ، فَحُرِمُوا لذة ثواب (٢) الصَّادِقِينَ فِي الْعَاجِلِ) (٣).

وَقَالَ بِشْرٌ الْحَافِي (٤): (رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ فقال لي يابشر، تدري (٥) لم رفعك الله (٦) من (٧) بَيْنَ أَقْرَانِكَ؟) قُلْتُ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قال: (لا تباعك لسنتي (٨)، وَحُرْمَتِكَ (٩) لِلصَّالِحِينَ (١٠)، وَنَصِيحَتِكَ لِإِخْوَانِكَ، وَمَحَبَّتِكَ لِأَصْحَابِي وَأَهْلِ بيتي، هو الذي بلغك منازل الأبرار) (١١).


(١) في (ط): "رزقهم".
(٢) في (م) و (خ) و (ط) و (ع): "ثواب لذة الصادقين".
(٣) لم أجده.
(٤) هو بشر بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء المروزي البغدادي، المشهور بالحافي ولد سنة ١٥٢هـ، وارتحل في العلم وأخذ عن مالك وشريك وحماد بن زيد، وكان رأساً في الورع والإخلاص، مات رحمه الله سنة ٢٢٧هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (١٠/ ٤٦٩)، حلية الأولياء (٨/ ٣٣٦)، طبقات الصوفية (ص٣٩)، الرسالة القشيرية (ص١٤).
(٥) هكذا في جميع النسخ عدا (ت) فإنها بالهمزة هكذا "أتدري"، وفي القشيرية "تدري" بدون همزة.
(٦) لم يكتب لفظ الجلالة في (م) و (غ) وكتب في (خ) "فوق السطر".
(٧) ساقطة من (ط).
(٨) في (ط): "سنتي".
(٩) في الرسالة القشيرية: "وخدمتك".
(١٠) في (م) و (غ): "الصالحين".
(١١) رواه عنه أبو القاسم القشيري في الرسالة القشيرية (ص١٤).