للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رد الإمام الشاطبي على أصحاب هذا القول، وبيَّن أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ولا من قوله ولا إقراره، كما لم يفعله أحد من السلف (١).

ورأي الإمام الشاطبي في هذه المسألة هو الصواب، إذ إن هذا العمل من المحدثات، وسبقه شيخ الإسلام ابن تيمية إلى الحكم ببدعية هذا العمل حيث قال: "أما دعاء الإمام والمأمومين جميعاً عقيب الصلوات فهو بدعة" (٢).

[٢ - اتهم رحمه الله بالرفض وبغض الصحابة رضي الله عنهم:]

وسبب هذه التهمة أن الإمام الشاطبي لم يلتزم ذكر الخلفاء الراشدين في الخطبة على الخصوص، واحتج بأن ذلك لم يكن مِنْ شَأْنِ السَّلَفِ فِي خُطَبِهِمْ، وَلَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ فِي أَجْزَاءِ الْخُطَبِ (٣).

وليس في موقف الإمام الشاطبي من هذه المسألة ما يدل على بغضه للصحابة رضي الله عنهم، ثم إن له سلفاً فيما ذهب إليه، فقد عزا هذا القول إلى أصبغ (٤)، والعز بن عبد السلام (٥) كما سيأتي في المقدمة.

وإذا نظرنا إلى أن ذكر الخلفاء الراشدين في الخطبة كان مُلْتَزَماً به في بيئة الإمام الشاطبي، بل يعد تاركه مبتدعاً، فلا شك أن كسر هذه القاعدة أمر مطلوب، لأن ذكر الخلفاء الراشدين في الخطبة ليس ركناً فيها ولا واجباً.

والمسألة من المسائل الخلافية، ولشيخ الإسلام ابن تيمية تفصيل فيها؛ حيث ذكر أن من أهل السنة من يفعله ومنهم من يتركه، إلا أنه قد يكون مأموراً به إذا كان فيه تحصيل لمقصد شرعي؛ كالرد على الخوارج الذين


(١) انظر: "الاعتصام" (١/ ٣٤٩ - ٣٦٨)، (٢/ ١ - ٦).
(٢) "الفتاوى" (٢٢/ ٥١٩).
(٣) انظر النص المحقق (ص ٢٦).
(٤) ستأتي ترجمته في النص المحقق (ص ٢٦).
(٥) ستأتي ترجمته في النص المحقق (ص ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>