للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَوَضَعُوهُ عَلَى أَنَّ الشَّرِيعَةَ أَبَدًا مُفْتَقِرَةٌ إِلَى شَرْحٍ (١) وَبَيَانٍ لِجَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ، إِمَّا بِالْمُشَافَهَةِ أَوْ بِالنَّقْلِ مِمَّنْ شَافَهَ الْمَعْصُومَ (٢).

وَإِنَّمَا وَضَعُوا ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُمْ بَادِيَ الرَّأْيِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ عَقْلِيٍّ وَلَا نَقْلِيٍّ، بَلْ (٣) بِشُبْهَةٍ زَعَمُوا أَنَّهَا عَقْلِيَّةٌ، وَشُبَهٍ مِنَ النَّقْلِ بَاطِلَةٍ، إِمَّا فِي أَصْلِهَا، وَإِمَّا فِي تَحْقِيقِ مَنَاطِهَا. وَتَحْقِيقُ مَا يَدَّعُونَ وَمَا يُرُدُّ عَلَيْهِمْ بِهِ (٤) مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ الْأَئِمَّةِ (٥)، وَهُوَ يَرْجِعُ فِي الحقيقة إلى دعاو إذا (٦) طُولِبُوا بِالدَّلِيلِ عَلَيْهَا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ، إِذْ لَا بُرْهَانَ لَهُمْ مِنْ جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ. وَأَقْوَى شُبَهِهِمْ مَسْأَلَةُ اخْتِلَافِ الْأُمَّةِ (٧)، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وَاحِدٍ يَرْتَفِعُ بِهِ الْخِلَافُ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ *إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} (٨)، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إِلَّا إِذَا أُعْطِيَ الْعِصْمَةَ كَمَا أُعْطِيَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه وارثه (٩)، وإلا فكل محق ومبطل (١٠) يَدَّعِي أَنَّهُ الْمَرْحُومُ، وَأَنَّهُ الَّذِي وَصَلَ إِلَى الْحَقِّ دُونَ مَنْ سِوَاهُ، فَإِنْ طُولِبُوا (١١) بِالدَّلِيلِ عَلَى الْعِصْمَةِ لَمْ يَأْتُوا بِشَيْءٍ، غَيْرَ أَنَّ لَهُمْ مَذْهَبًا يُخْفُونَهُ، وَلَا يُظْهِرُونَهُ إِلَّا لِخَوَاصِّهِمْ، لأنه كفر محض ودعوى بغير برهان (١٢).


(١) في (م) و (ت) و (خ): "شرع".
(٢) قال الشيخ محمد رشيد رضا معلقاً: "كذا والمعنى إما بالمشافهة من المعصوم، وإما بالنقل ممن أو عمن شافه المعصوم، ولكن الذي ينقل عمن ينقل عن المعصوم مشافهة مثله، مهما تعدد لا تعتبر فيه إلا الثقة بفهمه ونقله، لأن من شافهه كمن شافه من شافههم، كل منهم غير معصوم، فيكتفي منه بالعدالة في الرواية، فلا حاجة إذا إلى غير الرسول من المعصومين، وهو قد بين الشريعة أحسن تبيين".
(٣) في (ط): "بلى".
(٤) ساقطة من (ط).
(٥) في (غ): الأمية، ولا تخلو كتب الفرق والمقالات قديماً وحديثاً من ذكر بدعتهم، وأكاذيبهم، والرد عليها، ومن أشهرها كتاب منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية، حيث عرض لأدلتهم النقلية والعقلية وأتى عليها من جذورها.
(٦) في (خ) و (ت) و (ط): "وإذا".
(٧) في (غ): "الأمم".
(٨) سورة هود: آيتان (١١٨ ـ ١١٩).
(٩) المثبت من (غ) و (ر)، وفي بقية النسخ: "وارث".
(١٠) في (خ) و (ط): "أو مبطل".
(١١) في (خ): "طالبوا".
(١٢) والمشهور عن خواصهم إبطان الإلحاد، وإظهار حب آل البيت، ليتستروا به، وإلا=