للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى وَجْهِهَا فَقَدْ حَصَلَ مَقْصُودُ الشَّارِعِ، فَارْتَفَعَ النَّهْيُ إِذاً، فَلَا مُخَالَفَةَ لِلدَّلِيلِ، فَلَا ابْتِدَاعَ. وإِن لم يلتزم أَداءَها، فإِن كان باختياره (١) فَلَا إِشكال فِي الْمُخَالَفَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ كالنَّاذِرِ (٢) يَتْرُكُ المنذور (٣) من غير (٤) عُذْرٍ، وَمَعَ (٥) ذَلِكَ فَلَا يُسَمَّى تَرْكُهُ بِدْعَةً، ولا عمله في وقت العمل بدعة، فلا (٦) يُسَمَّى بِالْمَجْمُوعِ (٧) مُبْتَدِعًا. وإِن كَانَ لعارضٍ (٨) ـ مرضٍ أَو غَيْرِهِ مِنَ الأَعذار ـ، فَلَا نُسَلِّم (٩) أَنه مُخَالِفٌ، كَمَا لَا يَكُونُ مُخَالِفًا فِي الْوَاجِبِ إِذا عَارَضَهُ فِيهِ عَارِضٌ؛ كَالصِّيَامِ لِلْمَرِيضِ، وَالْحَجِّ لِغَيْرِ الْمُسْتَطِيعِ، فَلَا ابْتِدَاعَ إِذاً.

وأَما إِن لَمْ تَنْتَظِمْهَا (١٠) أَدلة الذَّمِّ، فَقَدْ ثَبَتَ أَن مِنْ أَقسام الْبِدَعِ مَا لَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ (١١)، بَلْ هُوَ مِمَّا يُتَعَبَّد بِهِ، وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ وَلَا غَيْرِهَا مِمَّا لَهُ أَصل عَلَى الْجُمْلَةِ. وَحِينَئِذٍ يَشْمَلُ هَذَا الأَصل كُلَّ مُلْتَزَمٍ تعبُّديٍّ، كَانَ لَهُ أَصل أَم لا؟ لكن بحيث (١٢) يَكُونُ لَهُ أَصل عَلَى الْجُمْلَةِ، لَا عَلَى التَّفْصِيلِ؛ كَتَخْصِيصِ لَيْلَةِ مَوْلِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِيَامِ فِيهَا، وَيَوْمِهِ بِالصِّيَامِ، أَو بِرَكَعَاتٍ مَخْصُوصَةٍ، وَقِيَامِ ليلةِ أَول جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَالْتِزَامِ الدعاءِ جهراً بآثار الصلوات مع انتصاب الإِمام لذلك (١٣)، وما أَشبه ذلك مما له أَصل جُمليّ (١٤)، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْخَرِمُ كُلُّ مَا تَقَدَّمَ تأْصيله.

والجواب عن الأَول ـ أَي (١٥) الإِقرار (١٦) ـ: صَحِيحٌ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَن يَجْتَمِعَ (١٧) مَعَ نهي (١٨) الْإِرْشَادُ لأَمر خَارِجِيٍّ؛ فإِن النَّهْيَ لَمْ يَكُنْ لأَجل


(١) في (خ) و (م): "باختيار".
(٢) في (م): "فالناذر"، وأشار بهامش (خ) إلى أنه كذلك في نسخة.
(٣) في (خ) و (م): "المندوب".
(٤) في (خ): "بغير".
(٥) في (ر) و (غ): "وقع" بدل "ومع".
(٦) في (خ): "ولا".
(٧) في (خ): "بالجموع".
(٨) في (غ) و (ر): "العارض".
(٩) في (ر) و (غ): "فلا يسلم".
(١٠) في (غ) و (ر): "ينتظمها".
(١١) قوله: "عنه" ليس في (خ).
(١٢) في (خ): "فحيث".
(١٣) قوله: "لذلك" ليس في (خ) و (م).
(١٤) في (خ): "جلي".
(١٥) في (م): "أن" بدل "أي".
(١٦) قوله: "أي الإقرار" ليس في (غ) و (ر).
(١٧) أي: الإقرار.
(١٨) في (خ): "النهي".