للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإِلى مَنْعِ تَحْرِيمِ الْحَلَالِ (١) ذَهَبَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ؛ إِلا أَنه إِذا كَانَ التَّحْرِيمُ غير مَحْلوف عليه فلا كفَّارة فيه (٢)، وإِن كَانَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ، فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَيَعْمَلُ (٣) الْحَالِفُ بِمَا أَحل اللَّهُ لَهُ.

وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَ إِسماعيل الْقَاضِي عَنْ مَعْقِل بْنِ مُقَرِّن (٤): أَنه سأَل ابن مسعود رضي الله عنه فقال: إِني حلفت على (٥) أَن لَا أَنام عَلَى فِرَاشِي سَنَةً (٦)، قَالَ (٧): فتلا عبد الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا ... } الْآيَةَ (٨)، ادنُ فَكُلْ (٩)، وكَفِّر (١٠) عَنْ يَمِينِكَ، ونَمْ على فراشك.

وفي (١١) رواية: أن معقلاً كان (١٢) يكثر الصوم والصلاة، فحلف أَن


=الطبراني من طريق سعيد بن العاص، لا سعد بن أبي وقاص، وهذا هو الصحيح، والأول تصحيف.
فالحديث أخرجه الطبراني (٦/ ٦٢ رقم ٥٥١٩) من طريق إبراهيم بن زكريا، ثنا أبو أمية الطائفي، حدثني جدي، عن جده سعيد بن العاص: أن عثمان بن مظعون قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ائْذَنْ لِي فِي الاختصاء، فقال له: "يا عثمان! إن الله قد أبدلنا بالرهبانية الحنفية السمحة، والتكبير على كل شَرَف، فإن كنت منا فاصنع كما نصنع".
والحديث بهذا الإسناد ضعيف جداً؛ فيه إبراهيم بن زكريا العبدسي وهو ضعيف جداً؛ قال أبو حاتم: حديثه منكر، وقال ابن عدي: حدث بالبواطيل، وقال: يأتي عن مالك بأحاديث موضوعة. انظر: "لسان الميزان" (١/ ١٤٦ ـ ١٤٨). وانظر ما تقدم (ص٢٧ ـ ٢٨)، وتخريج حديث: "أحبّ الدين إلى الله الحنيفية السمحة" (ص١٥١ ـ ١٥٢)، وانظر (ص١٠١ ـ ١٠٢).
(١) أي: على النفس كما صنع عثمان بن مظعون وأصحابه، وكما في قوله تعالى في سورة التحريم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}، وما ذكر في سبب نزولها.
وأما تحريم الحلال المجمع عليه كحكم شرعي، فهذا كفر، وليس من هذا الباب؛ كما سينبه عليه المصنف (ص٢١٨ فما بعد).
(٢) قوله: "فيه" ليس في (خ).
(٣) في (ر) و (غ): "وليعمل".
(٤) قوله: "ابن مقرن" ليس في (خ)، وفي (غ) و (ر): "مغرق".
(٥) قوله: "على" ليس في (خ) و (م).
(٦) قوله: "سنة" سقط من (غ) و (ر).
(٧) قوله: "قال" ليس في (خ) و (م).
(٨) سورة المائدة: آية (٨٧).
(٩) قوله: "ادن فكل" من (خ) فقط.
(١٠) في (غ) و (ر) و (م): "كفر".
(١١) في (غ): "ففي".
(١٢) في (خ): ""كان معقل"، وفي (م): "كان معقلاً".