للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنهما- نحو هذا، أو زاد فقال: ما رأيناك صنعت بأحد ما صنعت بهذه، قال:» إنه لم يكن بعد أبي طالب أبر بي منها، إنما ألبستها قميصي لتكسى من حلل أهل الجنة، واضطجعت في قبرها ليهون عليها عذاب القبر «فعلم أن هذا الحديث مقبول في المذاهب الأربعة، أما أولاً فلأنه قد اعتضد بمجيئه من طريق آخر مسند تباين الطريق الأولى، وأما ثانيًا: فلأنه لم يعلم حال راويه فافهم، وأما إنه هل يجوز أن يفعل الآن بميت مثل ذلك فلا؛ لأنه من خصوصيات فاطمة بنت أسد، كما يشهد له وجوه الوجه الأول ما رواه ابن عبد البر في حديث ابن عباس من قوله مخاطبًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- ما رأيناك صنعت بأحد ... الخ، الوجه الثاني: ما ذكره الشيخ حسين العدوي الحمزاوي مما خلاصته أنه إذا تؤمل ما أخرجه ابن سعد عن أبي سعيد الخدري قال: كنت ممن حفر لسعد قبره، فكان يفوح علينا المسك كلما حفرنا، مع ما أخرجه ابن سعد وأبو نعيم من طريق محمد بن المنكدر عن محمد بن شرحبيل قال: قبض إنسان يومئذ بيده من تراب قبره قبضة فذهب بها ثم نظر إليها بعد ذلك فإذا هي مسك، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:» سبحان الله سبحان الله «حتى عرف ذلك في وجهه فقال» الحمد لله، لو كان أحد ناجيًا من ضمة القبر لنجا منها سعد ضم ضمة ثم فرج الله عنه «قال سيدي محمد الزرقاني: وقوله في الحديث سبحان الله سبحان الله مرتين تعجبًا من كون تراب قبره صار مسكا مع كونه ضم قال: وقوله "حتى عرف ذلك في وجهه" أي التعجب الدال عليه التسبيح، فقال الحمد لله أي شكرًا له على تفريجه عن سعد. اهـ. وما ورد عنه -صلى الله عليه وسلم-» ما عفي لأحد من ضغطة القبر إلا فاطمة بنت أسد فقيل: يا رسول الله ولا ابنك القاسم قال: ولا إبراهيم الذي هو أصغرهما «وقول العارف بالله الشعراني في مختصر التذكرة فائدة: لا ينجو من ضمة القبر أحد إلا أربعة: فاطمة بنت محمد -صلى الله عليه وسلم- وفاطمة بنت أسد، والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومن قرأ قل هو الله أحد في مرضه ولو مرة واحدة مع قوله أيضًا، وروى الحافظ أبو نعيم» أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تبع جنازة فاطمة بنت أسد وكان مرة يحمل ومرة يتقدم ثم نزل قبرها ونزع قميصه -صلى الله عليه وسلم- وتمسك في لحدها ثم خرج فسألوه عن نزع قميصه وتمسكه في لحدها فقال: أردت أن لا تمسها النار أبدًا إن شاء الله وأن يوسع عليها قبرها «، أخذ من مجموع ذلك أن تلك الضمة لا تستدعي سبق ذنب، وإلا لما حصلت للأصفياء ولولديه -صلى الله عليه وسلم- إبراهيم والقاسم، لا سيما ومثل سعد لا يظن فيه تقصير في البول يؤدي إلى فساد في عبادته، أو مكروه كما قيل، وأن المستثنيات خصوصيات لا تنقض الأمور الكلية، ويؤيد هذا أنه قد ورد أن ضمها للمؤمن الكامل ضم شفقة ورحمة اهـ.

(الوجه الثالث) أن ما صنعه -صلى الله عليه وسلم- مع فاطمة بنت أسد لم يجر به عمل أحد لا من السلف ولا من الخلف، وإنما الذي جرى به عمل هو ما رواه البخاري

<<  <   >  >>