للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحدود والزنا للحرص على الستر، فأنت ترى تعليلهم بكثرة الجهل، وبه يتضح لك أن قول خليل في الشركة ولو لم يشهد بالإقرار بها على الأصح، إنما هو في العالم والله أعلم. اهـ. وبالجملة فبيان الشهود ما تصح به الشهادة شرط كمال من العالم، وشرط صحة من غيره في كل شيء حدًا كان أو غيره على المذهب، ومذهب الإمام أبي حنيفة أن البيان شرط صحة مطلقًا، فشرط القود بالشاهدين مطلقًا عنده: أن يتفقا في الزمان، وفي المكان، وفي الآلة، وفي المعاينة، أو بإقرار القاتل به وقس، ففي شرح الدر مع المتن: وإن اختلف شاهدا قتل في زمان أو في المكان أو في آلته، أو قال أحدهما: قتله بعصا، وقال الآخر: لم أدر بماذا قتله، أو شهد أحدهما على معاينة القتل، والآخر على إقرار القاتل به؛ بطلت لاختلاف المشهود به. اهـ بإصلاح، وفي حاشية ابن عابدين قال في شرح الكافي: ولا ينبغي أن يسأل الشهود أنه مات بذلك أم لا، وكذلك إذا شهدوا أنه ضربه بالسيف حتى مات، وإن لم يذكروا العمد؛ لأن العمد هو القصد بالقلب، وهو أمر باطن لا يوقف عليه، ولكن يعرف بدليله، وهو الضرب بآلة قاتلة عادة، ولو شهدوا أنه قتله عمدًا وأنه مات به فهو أحوط. اهـ إتقاني.

(فائدة)

نقل الشيخ التنبكتي في تكميل الديباج آخر ترجمة الشيخ أحمد البنا المراكشي عن بعض المغربيين: أن القراءة تصحيح المتن، وتبيين ما أشكل، وتتميم ما نقص أي من القيود، وما زاد عليه فضرره على المتعلم أكثر من نفعه. اهـ قلت: ولا يخالف هذا ما نقله التنبكتي نفسه عن ابن عرفة في ترجمته له أنه كان يقول في حضور مجالس التدريس إنه إن لم يكن فيها التقاط زيادة من الشيخ فلا فائدة في حضور مجلسه، بل الأولى لمن حصلت له معرفة اصطلاح وقدر على فهم ما في الكتب أن ينقطع لنفسه ويلازم النظر، ونظم ذلك في أبيات فقال:

إذا لم يكن في مجلس الدرس نكتة ... وتقرير إيضاح لمشكل صورة

وعزو غريب النقل أو فتح مقفل ... أو إشكال أبدته نتيجة فكرة

فدع سعيه وانظر لنفسك واجتهد ... وإياك تركًا فهو أقبح خلة

وأجابه تلميذه الأبي بقوله:

يمينًا بمن أولاك أرفع رتبة ... وزان بك الدنيا بأكمل زينة

لمجلسك الأعلى كفيل بكلها ... على حين ما عنها المجالس ولت

فأبقاك من رقاك للخلق رحمة ... وللدين سيفًا قاطعًا كل فتنة

<<  <   >  >>