للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأشياخ لتلامذتهم ربط قلبهم بغيرهم لسد باب النفع بهم، واغتفروا ما دون ذلك، وسعوا في إصلاحه فقد ورد تخلقوا بأخلاق الله، وهو معنى الخلافة، وفي اليواقيت ما نصه: وقال أي ابن عربي في الباب الأحد والثمانين ومائة: إنما كان المريد لا يفلح قط بين شيخين قياسا على عدم وجود العالم بين إلهين، وعلى عدم وجود المكلف بين رسولين، وعلى عدم وجود امرأة بين زوجين. اهـ. وقد تروحت بما أفاده سيدنا الوفائي تغزلا، فقلت:

أيها السيد المدلل ضاعت ... في الهوى ضيعتي وأنسيت نسكي

يا لك الله لا تمل لسوائي ... وتحكم ولو بما فيه فتكي

وانظر الحق في علو غناه ... كل شيء يمحوه غير الشرك

والمدلل من يفعل كما يجب والضيعة الحرفة. اهـ بحروفه، ومن هنا مع ما نقله الشيخ الشرقاوي في شرح الحكم عند القشيري، من أن الشيوخ بمنزلة السفراء للمريدين. اهـ، يعلم مأخذ الرابط المعمول بها عند المشائخ النقشبندية، وهي على قسمين، قسم يتصور المريد نفسه بحضرة شيخه استعانة بذلك على ملكة الحضور، وقسم يفرض المريد نفسه شيخه؛ ليحصل له التشبيه بالشيخ في الحضور، في حال الذكر، وأما مأخذ الأربعينية التي هي اعتزال المريد في خلوة يذكر الله تعالى مواظبا على الأوراد التي يعطيه إياها شيخه، صائما مقلا من الأكل مقتصرا على الخشن منه، ولا يتعاطى فيه ما يخل برقة القلب من الأطعمة كاللحم وما أشبهه، وملازما للصمت عن الكلام لاكتساب ملكة الحضور، وتقليل العلائق فيعلم مما في شرح والدي على الحكم عند قوله: ما نفع القلب شيء مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة ونصه، يريد أن هذا الدواء لا يساويه غيره من الأدوية في تحصيل برء القلب من أمراضه، وهو كذلك؛ لأن العزلة عن الناس المصحوبة بالفكرة، فيما يترتب على المعاصي من العذاب والوعيد وعلى الطاعة من الثواب، أو في تذكر عهد الله على عبيده، أو جلاله وعظمته، أو بديع صنعه بطاعته تطهر القلب وتنوره؛ لأن من تعلق قلبه بحضرة الحق لا تقنعه صور المحسوسات، ولا يملأ عين قلبه أشباح المخلوقات، وهذه الطريقة هي التي شرعها صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يعتزل الخلق ويختلي في غار حراء، حتى نزل عليه الملك. اهـ بتصرف وحذف، ومنه أيضا

<<  <   >  >>