للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من تغزلهم في المقام المحمدي بما يقال في المعشوق، مما يأنف أحدنا أن يخاطب به، مما فرق به أهل المذهب بين مقام الألوهية، ومقام الرسالة لما رأوا التشديد في المذهب بالنسبة لمقام الرسالة دون التشديد بالنسبة لمقام الألوهية واقعا في مسائل؛ منها: الاتفاق على أن أسماءه صلى الله عليه وسلم توقيفية، مع الخلاف في أسمائه تعالى، والراجح أنها توقيفية، ومنها قول أهل المذهب بقتل ساب النبي ولو تاب بخلاف ساب الإله، ومنها ما قيل من تمثل الشيطان في المنام بالإله دون النبي، ومنها قول أهل المذهب يحرم نداؤه صلى الله عليه وسلم بمجرد اسمه بخلاف الإله، بنحو قول النفراوي أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر، فربما تسوهل فيه فسدت الذريعة بالتشديد بالنسبة لمقامه، وأما مقام الألوهية فأجل محترم، وخلاصته حماية مقام النبوة، ومزيد تبجيله قال: ولو كان التغزل المذكور جائزا، ما فات حسان فمن دونه، قال: وما وقع لعارف من نحو هذا إما بتأويل يجده أو بجذب أخرجه عن الفتيا، فليس لمن لم يساوه أن يقتدي به ما دام مميزا بين ما ينافي الجلال وغيره كقول سيدي علي وفا رضي الله تعالى عنه:

جنات عدن في جنى وجناته ... ودليله أن المراشف كوثر

وليس لأحد أن يقول: ما رأينا أحدا نص على حرمة هذا بخصوصه؛ فإن هذه البدع لم تشع في زمن الأئمة، فلتوزن بالميزان السابق قال، وقد قالوا: إنما لم يفتن به صلى الله عليه وسلم مع أنه أعطى كل الحسن، وفتن بيوسف مع إعطائه شطره؛ لأن جماله صلى الله عليه وسلم صين بالجلال، كما قال السلطان ابن الفارض:

بجمال سترته بجلال ... هام واستعذب العذاب هناك

ومن كلام سيدي علي وفا رضي الله عنه في القصيدة التي منها البيت السابق:

سبحان من أنشاه من سبحاته ... بشرا بأسرار الغيوب يبشر

قاسوه جهلا بالغزال تغزلا ... هيهات يشبهه الغزال الأحور

هذا وحقك ما له من مشبه ... وأرى المشبه بالغزالة يكفر

يأتي عظيم الجهل في تشبيهه ... لولا لرب جماله يستغفر

إلى أن قال:

فعلا جمالك بالكمال جلالة ... فيها لأهل الكشف سر مضمر

<<  <   >  >>