للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرط أم لا والمانع العادي كمن حلف ليلبسن هذا الثوب فسرق قبل أن يلبسه أو غصب أو حلف ليذبحن هذا الحيوان وليأكلن هذا الطعام فسرق أو غصب كل منهما قبل الأكل، وقبل الذبح؛ فإنه يحنث إن تأخرت السرقة أو الغصب عن اليمين مطلقًا أقت أم لا فرط أم لا، وأما إذا تقدمت السرقة أو الغضب أو اليمين فلا حنث مطلقًا أقت أم لا فرط أم لا؟ (١) ومعني أقت أي جعل للمحلوف عليه وقتًا بأن حلف لألبسن الثوب في هذا اليوم مثلاً، وأما إن كان المانع من فعل المحلوف عليه عقليًا، فلا يحنث كما إذا حلف ليذبحن هذه الشاة مثلاً فماتت عقب اليمين أو تأخر موتها، ولم يحصل منه تفريط وإلا بأن فرط مع التأخير حتى ماتت حنث، والحاصل أن المحلوف عليه إذا فات لمانع عقلي، فإما أن يكون الحالف قد عين وقتًا لفعله أم لا فإن كان قد عين وقتًا كقوله: لأذبحنها في هذا الشهر فماتت فيه لم يحنث ما لم يضق الوقت، ويفرط وإلا حنث، وإن كان لم يؤقت فلا حنث إن حصل المانع عقبه، أو تأخر بلا تفريط فإن فرط مع التأخير حتى فات فالحنث وقد نظم ذلك الأجهوري فقال:

إذا فات محلوف عليه لمانع ... فإن كان شرعيًا فحنثه مطلقًا

كعقلي أو عادي إن يتأخرًا ... وفرط حتى فات دام لك البقا

وإن أقت (٢) أو قد كان منه تبادر ... فحنثه بالعادي لا غير مطلقًا

وإن كان كل قد تقدم منهما ... فلا حنث في حال فخذه محققًا

ومن أمثلة العقلي ما إذا حلف ضيف على رب دار أنه لا يذبح له فتبين أنه ذبح له أو حلف ليفتضن زوجته فوجد عذرتها سقطت فلا حنث فيهما؛ لأن رفع الواقع وتحصيل الحاصل محال عقلاً. اهـ ملخصًا من در ودس والخرشي والأمير بتوضيح.

[[مسألة]]

إن قال: والله لأدخلن الدار في شهر رجب مثلاً ثم عزم على عدم الدخول قبل مضيه لا يحنث؛ لأن صيغة الحنث المؤجل، لا يحنث فيها إلا إذا فات الأجل، وأما صيغة البر فلا يحنث فيها بالعزم على الضد كما إذا قال: والله لا أكلم زيدًا ولا يحنث إلا إذا كلمه بالفعل، وأما صيغة الحنث المطلق كما إذا قال: والله لأدخلن الدار أو إن لم أخل الدار فأنت طالق ثم عزم على عدم دخول الدار فطريقة ابن المواز وابن شاس في الجواهر وابن الحاجب والقرافي الحنث ومشى عليها سيدي خليل، وقال غيرهم غاية ما في المدونة أن الحالف بصيغة الحنث المطلق له تحنيث نفسه بالعزم على الضد ويكفر، ولا يتحتم الحنث إلا بفوات المحلوف عليه، فله أن يرجع ليمينه ويبطل العزم كما لو قال: إن لم أتزوج فعلي كذا ثم عزم


(١) قوله: فرط أم لا: لا يخفى ما في التقسيم من التسامح ألا ترى إذا كان المانع متقدمًا على اليمين فإنه لا يتأتى تفريط. اهـ من حاشية الخرشي.
(٢) قوله: وإن أقت إلخ أي أن العادي إذا تأخر يحنث فيه مطلقًا أقت أم لا بادر أم لا بخلاف العقلي فإنه إن أقت فيه لم يحنث إلا إذا ضاق الوقت وفرط كما تقدم. اهـ منه.

<<  <   >  >>